قوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا 2 ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا 3}
  حيث {سكنتم}، يريد: حيث كنتم وحللتم، وأمسيتم وأصبحتم. {من وجدكم} فهو: طاقتكم وجدتكم، من المنازل التي تكون كفاتا لكم؛ فأمرهم سبحانه: أن يسكنوهن من حيث سكنوا، من جيد المنازل أو رديئها، وأن لا يعزلوهن عن مواضعهن، وأن يكن في البيوت التي يكونون فيها، ولا تجعلوهن في موضع سواها، ولا تنقلوهن عنها إلى ما هو أضيق منها وأردى، وأقل في السعة وأبلى؛ ألا تسمع كيف يقول: {ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن}، يقول: لا تضاروهن بإخراجهن من منازلهن، التي كن فيها إلى غيرها فتضيقوا بذلك عليهن، متعمدين للتضييق عليهن، مخطئين بذلك في أمرهن. ثم ذكر سبحانه ما جعل لأولات الحمل من النفقة، فقال سبحانه: {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن}، معنى {وإن كن} فهو: إن كن الزوجات المطلقات {أولات حمل}. ومعنى {أولات حمل} فهن: صواحب حمل، أي: في بطونهن حمل، والحمل فهو: الأولاد. {فأنفقوا عليهن}، يقول: مونوهن بالنفقة، والكسوة والخدمة، والقيام عليهن بجميع مصالحهن، {حتى يضعن حملهن}، يريد: يلدن ويضعن ما في بطونهن، فإذا وضعن ما في بطونهن، وخرجن من عدتهن، فقد انقطعت النفقة عنكم لهن. ثم ذكر سبحانه ما يكون من أمر ارضاع الأولاد بعد مفارقتهم، فقال: {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف}، {فإن أرضعن لكم} يقول: إن أرضعن الزوجات المفارقات لكم أولادكم، الذين ولدتهم بعد مفارقتكم لهن - {فآتوهن أجورهن}، ومعنى {آتوهن} فهو: اعطوهن، وأوفوهن، وأدوا اليهن {أجورهن}، فمعنى {أجورهن} فهو: الإجارات، والإجارات فهي: الأجرة والكراء التي يستأجرنها، ويكتري المرضع لصبيه أبو الصبي، فيقول: ادفعوا ذلك إلى أمهات أولادكم إن ارضعن لكم؛ فهن أحق بذلك من غيرهن، وأولى برضاع أولادهن، إن أردن ذلك وشئنه، وطلبنه وبغينه. ومعنى: {ائتمروا