قوله تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير 10}
  اكتساب وبلوى، والحياة الثانية التي بعد الموت وقت الحساب والجزاء، على ما تقدم من العمل في الحياة الأولى؛ فجعل الحياة الأولى بلوى، ابتلى خلقه فيما أمرهم به من طاعته، ونهاهم عنه من معصيته؛ ليعلم سبحانه أيهم أحسن عملا، ومعنى {أيكم أحسن عملا}: أيهم أشد لطاعتنا اتباعا، ومن معاصينا امتناعا. {وهو العزيز الغفور}، فأخبر سبحانه: أنه العزيز الغفور؛ فهو المقيل للعثرة بعد التوبة عند الزلة، المتجاوز عن خطايا التائبين، القابل من المحسنين.
  {الذي خلق سبع سموات طباقا}، فدل ø على نفسه، بما أظهر من فعله، وأبان من قدرته لخلقه، يريد بـ {الذي} أي: هو {خلق سبع سموات}، يريد: خلق، أي: أوجد وفطر، وابتدع بعد العدم وصور. {سبع سموات}، فهن: السموات السبع المجعولات المقدرات. {طباقا}، أي: المجعولات بعضهن فوق بعض، ومعنى {طباقا} فهو: طبقة فوق طبقة، ومعنى «طبقة فوق طبقة» فهو: سماء فوق سماء، حتى ينتهى إلى السماء السابعة التي ليس فوقها سماء. {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت}، معنى {ما ترى} هو: نفي من الله تبارك وتعالى، من أن يكون في خلقه اختلاف ولا ردى. {في خلق الرحمن} فمعناه: فيما جعل الرحمن. {من تفاوت}، والتفاوت فهو: الاختلاف، والاختلاف الذي ذكر الله أنه لا يرى في خلقه فهو: اختلاف الأشياء عما جعلها الله فيه، وقدرها من التركيب سبحانه عليه؛ فأخبر سبحانه: أنه لا يوجد ولا يرى في خلقه اختلاف أبدا، عما جعله عليه وركبه فيه تركيبا؛ فأخبر سبحانه بذلك: أن كل شيء من خلقه ثابت على ما جعل فيه من تركيبه، لا يزيد على ما جعله الله عليه، ولا ينقص عنه، فالكبير كبير على حاله كما جعل، والصغير صغير كما فعل، والبعيد بعيد قاص، والقريب قريب دان، والجميل جميل لا يتغير أبدا، والسمح فعلى ما جعل عليه يكون من الأشياء، ليس من خلق الله خلق يحول عما خلق عليه، ولا يتفاوت فيما ركب فيه؛ فهذا معنى قوله سبحانه: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت}.