تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم 4}

صفحة 198 - الجزء 3

  لكل حلاف مهين - فهو أيضا: ما ذكرنا من المخافة من الحلاف المهين، في شيء من وعيده وإبراقه وإرعاده عليه، وحلفه وأيمانه فيه؛ فنهاه صلى الله عليه وآله من مخافته، أو ترك شيء من إظهار أمر الله لمراقبته، وسمى تركه لشيء من ذلك؛ لخوف شيء من وعيده: طاعة منه له؛ والحلاف فهو: الكثير الأيمان بالله، الذي لا يفي بشيء منها، ولا يقوم بحد من حدودها؛ والمهين فهو: الذليل الحقير.

  {هماز مشاء بنميم}، فالهماز هو: الذي يهمز الإنسان من خلقه، ومعنى «يهمزه» أي: يؤذيه بلسانه ويتناوله، ويقع فيه من ورائه وينتقصه. {مشاء بنميم}، معنى {مشاء} أي: مشاء بين الناس. {بنميم}: بالنمائم، والمشي بها فهو: المجيء إلى ذا بالخبر عن ذا، والمجيء من ذا إلى ذا بالخبر؛ ليوقع بينهم الوحشة والبلاء، والعداوة والأذى، ومعنى {بنميم} فهو: ببلاغه وخبره؛ والنميمة فلا تكون - خاصة - إلا في كل خبر قبيح، يوحش بعض الناس من بعض، ويفسد المودة بينهم، ويوقع الوحشة في قلوبهم؛ فما كان من الأخبار المنقولة بفعل هذا فهو: نميمة، وناقلها يدعى: نماما، ومالم يكن من الأخبار يوقع الوحشة، ويوجب الفرقة، ويحدث الهجرة والبغضة - فلا ينتظمه اسم النميمة، ولا يدعى حامله وناقله: نماما.

  {مناع للخير}، يقول: فهو الممتنع من كل خير، الداخل في كل ضير. {معتد أثيم}، فالمعتدي هو: الظالم الغوي، {أثيم} فهو: الآثم الردي.

  {عتل بعد ذلك زنيم}، العتل فهو: الفدم من الرجال، في الخلق والفعال، الذي لا فهم له بما يقول أو يفعل، ولا معرفة له بما يأتي وما يعمل، الذي لا يميز بين الأمور في معانيها، ولا يعرف حسناها من مساويها، ولا يفعل شيئا بتمييز أصلا، ولا يأتي من الخير إلا ما عتل عليه عتلا؛ لفدامة خلقه، وقلة تمييزه لنفسه. {بعد ذلك زنيم}، يقول: بعد هذه الخصال التي فيه كلها هو زنيم أيضا، والزنيم فهو: الذي له في خلقه زنمتان، يبين بهما من غيره للمبصرين، يكونان في