قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم 4}
  {بلوناهم} أي: اختبرناهم بابتلائهم؛ لنعلم هل يرجعون عن اقتدارهم، فلم يرجعوا، فأخذهم بأسنا بما عصوا؛ وهؤلاء المبتلون فهم: قريش الكافرون. قوله: {كما} فمعناها: مثل، وقوله: {بلونا} أي: اختبرنا، {أصحاب الجنة} فهم: أصحاب صاد، وهي: الجنة التي أقسم أهلها ليصرمنها. {إذ أقسموا}، يقول: إذ حلفوا. {ليصرمنها}، يقول: ليقطعن ثمرها. {مصبحين} فهو: صباحا منورين. {ولا يستثنون}، يقول: لم يقولوا: إن شاء الله، فيثبتوا بذلك القدرة لله؛ فلما أن لم يستثنوا في قسمهم، وبغو في ذلك وطغوا - طاف عليها ما ذكر الله من أمره، حين يقول سبحانه: {فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون}، معنى {فطاف عليها} أي: واقعها ونزل بها {طائف من ربك}، والطائف فهو: الأمر الذي نزل بها وعمها، وطاف فيها حتى أبادها وأفناها، وتركها كأن لم يكن فيها ثمر ولا خير. {وهم نائمون} فمعناها: وهم راقدون، أي: في الليل.
  {فأصبحت كالصريم}، يقول: أصبحت في ذهاب ما فيها، وبواد ثمرها؛ لما نزل بها من طائف ربها - {كالصريم}، والصريم فهو: كالشيء الذي قد صرم فذهب من أرضه، وخلت الأرض من بعده.
  {فتنادوا مصبحين}، معنى {تنادوا مصبحين} أي: تصايحوا وتداعوا، عندما أصبحوا وجاء وقتهم الذي فيه اتعدوا. {أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين}، فتصايحوا وتداعوا بهذا اللفظ: {اغدوا}، أي: انهضوا في غداتكم، واذهبوا إلى حرثكم فاصرموا؛ والحرث فهو: الموضع الذي يكون فيه الزرع. {إن كنتم صارمين} أي: إن كنتم لزرعكم قاطعين.
  {فانطلقوا وهم يتخافتون}، يقول معناها: {فانطلقوا} أي: مضوا وذهبوا، وساروا ونهضوا {وهم يتخافتون}، يقول: وهم يتشاورون، ويغبون كلامهم ويتناجون، ويخفون عن غيرهم ما يقولون. {ألا يدخلنها اليوم عليكم