قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم 4}
  مسكين}، يقول: ويتناهون عن إطعام المسكين: لا يقربنهم؛ ظنا منهم بما في جنتهم من ثمرهم، قوله: {ألا يدخلنها}، يقول: لا يقربنها ولا يدخلن عليكم فيها مسكين، والمسكين فهو: السائل لهم، الطالب ما عندهم.
  {وغدوا على حرد قادرين}، معنى {غدوا} أي: خرجوا وبكروا. {على حرد}، فالحرد هو: القطع، يقول: على قطع الثمر. {قادرين} معناها: مقتدرين.
  {فلما رأوها قالوا إنا لضالون ٢٦ بل نحن محرومون ٢٧}، معنى {رأوها} أي: عاينوها وأبصروها، وصاروا فيها وأتوها. {قالوا إنا لضالون} أي: لمخطون، ليس هذه ضيعتنا، ولا هي بجنتنا؛ هذه جنة قد هلكت، وذهب ما فيها فصرمت، وجنتنا غير هذه الجنة، وليس هذه الجنة بتلك الجنة. ثم تعرفوا حدودها، وفهموا معالمها، فأيقنوا أنها جنتهم، و علموا أنها ضيعتهم، فقالوا من بعد ذلك: {بل نحن محرومون ٢٧}: بل هي ضيعتنا؛ ولكنا محرومون لثمرها، ممنوعون مما كان فيها؛ قد نزل بها أمر الله فأهلكها، ولم ينزل ذلك من الله إلا عن جرم كان منا، وخطأ كان من فعلنا، فحرمنا ما كان قد أعطاناه، وصرف عنا ما كان قد رزقناه، فصرنا لذلك محرومين، ومنه بالخطيئة ممنوعين.
  {قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون}، فأخبر أنه قد كان قال لهم، عند وقت ما أقسموا: سبحوا ربكم واذكروا، وأثبتوا القدرة له واستثنوا. فلم يفعلوا في ذلك الوقت ما أمرهم أوسطهم، ولم يحسبوا أنه ينزل بهم، ما نزل بهم من عقوبة ربهم، عند ظلمهم وبغيهم، فرجعوا باللوم على أنفسهم، وأبدوا ما كانوا يخفون من تسبيحهم؛ خوفا من أن ينزل بهم في أنفسهم، ما هو أشد مما نزل بهم في جنتهم.
  {قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين}، معنى {سبحان ربنا} أي: تعالى ربنا، وتنزه خالقنا، وجل سيدنا عن فعلنا. {إنا كنا ظالمين}، يقولون: نحن كنا