قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا 19 إذا مسه الشر جزوعا 20 وإذا مسه الخير منوعا 21 إلا المصلين 22 الذين هم على صلاتهم دائمون 23}
  الوعيد من المكذبين، فقال: {يوم تكون السماء كالمهل ٨ وتكون الجبال كالعهن ٩ ولا يسأل حميم حميما ١٠}، فأخبر سبحانه: أنه إذا كان ما ذكر من أمر السماء والجبال - كان وقوع العذاب بالكافرين، ومعنى: {تكون السماء كالمهل ٨} فهي: تذوب بعد تجسمها، وتنحل بعد عظمها، حتى تعود إلى ما كانت عليه أولا، من الدخان الذي خلقت منه في الابتداء؛ فشبهها سبحانه عند كينونتها دخانا: بالمهل الجاري، و المهل فهو: صفو القطران؛ فأخبر سبحانه: أنها تكون في الفناء والذهاب والانحلال، كالمهل حذو المثال بالمثال. {وتكون الجبال كالعهن ٩}، فشبهها أيضا بانحلالها، وذهابها وتمزقها: بالعهن، والعهن فهو: ضرب من خالص الصوف؛ فأخبر سبحانه: أنها تعود من بعد تجسمها ويبسها، وصلابتها وثباتها، كالعهن إذا نفش فاضمحل، ولم يستر بعد نفشه ما يكون خلفه، ولا فوقه ولا تحته؛ لضعف أمره بعد نفشه؛ فأخبر أن الجبال بعد ما هي عليه اليوم، من كثافتها وصلابتها، وجليل أمرها - تعود إلى الكينونة كالعهن المنفوش. {ولا يسأل حميم حميما ١٠}، يقول: لا يسأل نسيب نسيبا، ومعنى {لا يسأل} فهو: يستخبر ولا يكلم، ولا يقبل عليه ولا يسلم.
  {يبصرونهم} معناها: يرونهم ويعرفونهم، حتى يعرف القريب قريبه، والنسيب نسيبه، فيشغله هول ما هو فيه من أمره عن مسائلة قريبه، والسلام على حميمه. {يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ}، معنى {يود} فهو: يحب ويتمنى، ويريد ويشاء. {المجرم} فهو: المسيء الظالم. {لو يفتدي}، يقول: لو يفدي نفسه، ومعنى «يفديها»: أن يجعل بدلها في العذاب ويفديها بمن ذكر الله، وسمى من أقربائها. {من عذاب يومئذ}، يريد: من عذاب يوم الدين، و {يومئذ} فهو: يوم القيامة.
  {ببنيه ١١ وصاحبته وأخيه ١٢ وفصيلته التي تؤويه ١٣ ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه ١٤}، يقول سبحانه: يود لو أنه أمكنه أن يفدي نفسه