تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا 19 إذا مسه الشر جزوعا 20 وإذا مسه الخير منوعا 21 إلا المصلين 22 الذين هم على صلاتهم دائمون 23}

صفحة 234 - الجزء 3

  {وجمع فأوعى ١٨}، يقول: جمع الذنوب فأوعاها، ومعنى «أوعاها» فهو: جمعها كلها فأحصاها. {إن الإنسان خلق هلوعا ١٩}، الإنسان فهو: الناس كلهم. {خلق هلوعا}، يقول: طبع وفطر على الضعف، وضعف البنية، والجزع مما يعظم عليه، ويشد أمره لديه.

  {إذا مسه الشر جزوعا ٢٠}، فالشر هو: كل أمر يشتد عليه، من النوازل النازلات، والأمور الفادحات، والمصائب الحالات، و {جزوعا} فهو: فزعا هلوعا، يقول: إذا أصابه ذلك جزع منه، وضعف لضعف بنيته عنه.

  {وإذا مسه الخير منوعا ٢١}، يعني {مسه} فهو: أصابه وواقعه، و {الخير} فهو: الرخاء والنعمة، والسرور والغبطة، و {منوعا} يقول: فهو مانع لخيره، بخيل بما عنده، قليل الإنفاق في مرضاة ربه، في ما يقرب من خالقه.

  ثم استثنى سبحانه من الناس الذين نسب إليهم هذا الخير: أهل الإيمان والتقوى، والدين والهدى، فقال: {إلا المصلين ٢٢ الذين هم على صلاتهم دائمون ٢٣}، إلى قوله: {في جنات مكرمون ٣٥}.

  معنى {على صلاتهم دائمون ٢٣} فهو: لصلاتهم لازمون، لا يتركون منها شيئا، ولا يفرطون في المثابرة عليها، واللزوم لها.

  {والذين في أموالهم حق معلوم ٢٤}، يقول: يؤدون من أموالهم الحق الذي جعله الله من الزكاة عليهم، المعلوم فهو: المعروف بكيله ووزنه.

  {للسائل والمحروم ٢٥}، والسائل هو: الطالب المواجه بالطلب والسؤال، والمحروم فهو: المتعفف اللازم لمنزله، الذي يتوهم الناس أنه مستغن لتعففه، وقلة طلبه، فيحرمونه لذلك ما يعطون غيره، ممن يمد يده للسؤال ويطلب.

  {والذين يصدقون بيوم الدين ٢٦}، فيوم الدين هو: يوم القيامة، فهو: