تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا 19 إذا مسه الشر جزوعا 20 وإذا مسه الخير منوعا 21 إلا المصلين 22 الذين هم على صلاتهم دائمون 23}

صفحة 237 - الجزء 3

  ورسوله، فقال: {فمال الذين كفروا قبلك مهطعين ٣٦}، يريد بقوله: {فمال} أي: فما بال. {قبلك}: عندك. {مهطعين}، والمهطع فهو: المطأطئ الرأس، يقول: ما بالهم عندك مطأطئين رؤوسهم، لا ينظرون إليك، ولا يستمعون منك، ولا يقبلون بوجوههم عليك.

  {عن اليمين وعن الشمال عزين ٣٧}، يريد: عن يمينك، وعن شمالك {عزين}، أي: جماعات قليلات، عن يمينك جماعات، وعن يسارك جماعات، كل مهطع برأسه، معرض بوجهه، لا يستمع إليك، ولا يقبل عليك.

  ثم قال سبحانه: {أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم ٣٨}، يريد بقوله: {أيطمع} أي: أيرجو ويأمل {كل امرئ منهم}، والمرء فهو: الإنسان. {أن يدخل جنة نعيم}، وجنة النعيم فهي: جنة الفردوس، يقول سبحانه: إعراضهم عن الحق، واستغناؤهم عن الصدق - اعتراض من قد أمن العذاب، وأيقن بالثواب، وصح عنده أنه يدخل جنة نعيم، فهو واثق بذلك، طامع أن يكون كذلك، فهو معرض عما يدعى إليه؛ لإيقانه بما يصير من الخير إليه.

  ثم قال سبحانه: {كلا}، يريد بـ {كلا} أي: لا تدخلونها أبدا، ولا يرونها بأعيانهم أصلا، إلا أن يتوبوا وينيبوا، ويصدقوك ويطيعوك فيؤمنوا. ثم أخبر سبحانه: بما خلقهم منه؛ احتجاجا منه بذلك عليهم، وتقريرا منه على الحق به لهم، فقال: {إنا خلقناهم مما يعلمون ٣٩}، يريد بقوله: {مما يعلمون} أي: من الطين الذين خلقنا منه آدم #، ومن الماء المهين الذي خلقنا منه بني آدم أجمعين.

  ثم أقسم سبحانه بنفسه: إنه لقادر على أن يبدل خيرا منهم، فقال ø: {فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون ٤٠ على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين ٤١}، قوله: {فلا أقسم} يريد: أفلا أقسم، فطرح