تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم 20}

صفحة 272 - الجزء 3

  متفرغ لعبادة الله، لا يشرك في خدمته مع الله أحدا، لا نفسا ولا والدا ولا ولدا. {تبتيلا} فمعناها: انقطع إليه بكليتك انقطاعا باتا ثابتا.

  {رب المشرق والمغرب} فهو: مالك المشرق ومدبره، ومالك المغرب ومقدره، ومصرف آياته ومغيره. {لا إله إلا هو}، يخبر سبحانه: أنه لا إله غيره، ولا رب سواه، وأنه الواحد الذي ليس كمثله شيء، وأنه الخالق لكل شيء، وأن كل شيء مما يعبد من دونه العابدون - فباطل لا ثبات له، وأنه المعبود لا غيره. {فاتخذه وكيلا ٩}، يقول: اجعله كافيا؛ لأن الوكيل في لسان العرب هو: الكافي، فقال سبحانه: اجعل ربك لك كافيا، واتكل عليه معينا وعاضدا.

  {واصبر على ما يقولون}، معنى {اصبر} هو: احتمل ولا تجزع، واثبت عند الأذى ولا تهلع. {على ما يقولون} معناها: على ما يفترون ويكذبون، ويقذفون ويصنعون. {واهجرهم هجرا جميلا ١٠}، يقول: اعتزلهم اعتزالا حسنا، أي: لا تقل كما يقولون، ولا تفحش كما يفحشون، واعتزلهم وما يعبدون؛ فامض لما أنت فيه من حكم ربك، وأعرض عن الجاهلين.

  ثم قال سبحانه: {وذرني والمكذبين}، ومعنى {ذرني} أي: دعني وإياهم، وخلني وعقوبتهم، وأفردني والانتقام من المكذبين؛ والمكذبون فهم: المعطلون الكافرون، المنكرون لكل ما جاء من رب العالمين. {أولي النعمة} فمعنى {أولي} أي: هم أصحاب النعمة، والنعمة فهي: الملك والراحة، والكفاية والتفكه، يقول: هي النعمة التي أظهرتها عليهم، وجعلتها حجة لي فيهم. ثم قال: {ومهلهم قليلا ١١}، يقول سبحانه: أنظرهم قليلا، حتى ثبتت لك الحجة عليهم، بما أريتك من الحجج البواهر فيهم، وأريتهم من آياتي، ثم من بعد ذلك آذن لك في السيف المسلول، وأؤيدك من عبادي بأهل المعرفة والطول، فتضع على المكذبين سيفك بأمرنا، وتقتل من خالفك بتأييد ذكرنا؛ وكذلك فعل سبحانه به وبهم في عاجل الدنيا.