قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}
  رجس المشركين ولمسهم ومداناتهم.
  {والرجز فاهجر ٥}، والرجز هو: كل نجس معلوم، من وثن أو صنم أو شيء محرم مفهوم، ومما كانوا يستجيزون، ويأتون ويفعلون، من أكل الميتة وغيرها، التي هي في التحريم مثلها. ومعنى {اهجر} أي: اعتزل، ولا تقرب ولا تتبع.
  {ولا تمنن تستكثر}، معناه: لا تمنن بشيء تفعله، ولا بجميل تصنعه إلى أحد من العالمين، لا من المسلمين، ولا من المشركين، ومعنى {تستكثر} فهو: تكثر قول ذلك وذكره، وتعريفهم به وقوله؛ هذا فأدب من الله لنبيئه صلى الله عليه وعلى آله، وهداية منه له إلى أعظم الأمور وأجسمها، وأشرفها في الأحدوثة وأفخرها، من ترك المن لما يولي، والإعراض عن ذكر ما يعطي.
  ثم قال سبحانه: {ولربك فاصبر}، يقول: فاصبر على ما تلقى في الله من البلاء، وتقاسي من الكفرة من الأذى، فاصبر عليهم، واجعل صبرك لله في مقاساتك منهم بحكمه، واعترافا له سبحانه بأمره.
  {فإذا نقر في الناقور}، فالناقور فهو: علامة من الله، يجعلها في يوم الدين، تكون ظاهرة في موضع حشر العالمين، تظهر علامتها، وتسطع عالية آياتها، يستدل الخلق أجمعون بها على الموضع الذي يقصدون، من موضع الحشر الذي إليه يساقون، فيكون قصدهم إلى تلك العلامة التي جعلت لهم.
  وقد يمكن أن تكون هذه العلامة التي سماها الله الناقور - نورا يسطع في ذلك الموضع ويلمع، فيكون ذلك علامة لموضع الجمع.
  ويمكن أن تكون تلك العلامة أصواتا من دعاة من الملائكة، يدعون الناس إلى ذلك المكان، فينتقر الناس موضع الحشر بذلك الدعاء، فيقصدونه معا.
  ويمكن أن يكون علامة بالتهليل والتكبير، والتقديس لله والتوقير، يسمعه