قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}
  الخلق أجمعون، فيؤمونه كلهم أكتعون.
  فأما قول من يقول: إن الناقور بوق أو شبه البوق، وينفخ فيه ليجتمع الناس كلهم إليه - فليس ذلك عندنا بشيء تصححه عقولنا، وليس الناقور - والله أعلم وأحكم - إلا: علامة عظيمة، يجعلها الله العلي الأعظم في ذلك اليوم، ولن تكون هذه العلامة إلا بأمر عظيم، من صنف مما ذكرنا من بعض ما شرحنا، من النور الساطع، العظيم اللامع، أو الصوت بالدعاء والتكبير، والتهليل والتحميد، والتقديس والتمجيد، الذي يسمعه كل سامع.
  ثم ذكر سبحانه ذلك اليوم الذي ينقر فيه الناقور - ومعنى «ينقر» فهو: ينتقر، ومعنى «ينتقر» فهو: يستدل عليه ويخبر؛ ألا تسمع كيف تقول العرب لمن استدل على شيء وعرفه، ووقع عليه وعلمه: «انتقر فلان كذا وكذا»، أي: عرفه واهتدى إليه، ووقع بالفطنة منه عليه -، فقال سبحانه: {فذلك يومئذ يوم عسير ٩}، ومعنى {ذلك} فهو: كذلك، ومعنى {يومئذ} فهو: اليوم الذي يكون فيه الناقور، ومعنى {يوم عسير} فالعسير هو: الشديد الذي لا فرح فيه، ولا راحة لديه.
  {على الكافرين غير يسير ١٠}، والكافرون هم: الكافرون بنعم الله المكذبون، ومعنى كفرهم لنعم الله فهو: قلة شكرهم لله على ما أعطاهم، من بعثة البشير النذير إليهم، وهم: أهل المعاصي لله، من المشركين الذين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن الثقلين، ومعنى {غير يسير}: فمعنى {غير} هو: ليس، ومعنى {يسير} أي: ليس بسهل ولا صغير؛ فأخبر سبحانه: أن ذلك اليوم يوم شديد عسير، على أعدائه ليس بسهل ولا صغير.
  ثم قال سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: {ذرني ومن خلقت وحيدا ١١ وجعلت له مالا ممدودا ١٢ وبنين شهودا ١٣}، معنى {ذرني} أي: دعني