قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}
  وأخبرني، واعلم أني في ذلك كاف مغن. {ومن خلقت} أي: أوجدت وفطرت، {وحيدا} فهو: فردا فريدا، وقد قيل: إنه اسم للوليد بن المغيرة، وكان يعرف به؛ فقال الله سبحانه لنبيئه صلى الله عليه وعلى آله: ذرني وهذا الذي اجترأ علي، فكذب بي، فسأذيقه على ذلك أشد عذابي.
  ثم أخبر سبحانه بما جعل له من المال الممدود - و الممدود فهو: الكثير الواسع -، وما جعل له من البنين - والبنون فهم: الذكران المعروفون. و {شهودا} فمعنى {شهودا} أي: حاضرين معه، شاهدين غير مفارقين لجماعته؛ بل هم شهود معه، والشهود فهم: الحضور الذين لم تنأى بهم دار، ولا تبعد منهم الأخبار، فهم سكان معه في الدار.
  {ومهدت له تمهيدا ١٤}، فمعنى {مهدت} هو: وطأت وجعلت له بالنعمة التي أعطيته إياها - مهدا يمهد عليها، ويتقلب بفضلي عليه فيها، ومعنى {تمهيدا} فهو: عطاء منا له جزيلا.
  ثم قال سبحانه: {ثم يطمع أن أزيد ١٥}، يقول: أيطمع بعدما أعطيته - أن أزيده على ما أوليته، وهو مقيم على كفر نعمتي، معتصم بالشرك بي.
  {كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ١٦}، يريد بـ {كلا} أي: إني لا أفعل ذلك أبدا، ولا أزيده في النعيم شيئا. {إنه كان}، معنى {إنه كان}، معناها: أنه لم يزل لآياتنا عنيدا، يقول: لأحكامنا، وما يظهر من غائب آياتنا، وبواهر دلائلنا. {عنيدا}، والعنيد فهو: المعاند، والمعاند فهو: المضاد المكابر، المعارض بباطله ما يظهر من حق خالقه.
  ثم أوعده على ذلك بما ذكر من العذاب، فقال سبحانه: {سأرهقة صعودا ١٧}، ومعنى {سأرهقه}، أي: سأوقع به وأنزل، وأحل به وأجعل، ومعنى {صعودا} أي: أمرا شديدا، وعذابا مهلكا متعبا؛ فشبه سبحانه ما ينزل به من