تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}

صفحة 284 - الجزء 3

  العذاب الشديد لشدته - وهو: ما أعد له من نقمته - بالصعود؛ لأن أشق ما يعرف الإنسان في مسالكه، ومذاهبه وطرقه - ما كان مصعدا فيه، من الجبال الشامخة، التي تكون الطرق فيها متعلقة مرتفعة؛ فذلك أشد مسالك الناس، وأصعب ما يسلكونه من سبلهم؛ فأخبر الله: أن عذاب هذا الذي يدعى بالوحيد مع عذاب غيره كالصعود مع السهل، وأن عذابه له فضل في النار على كل عذاب، كما للصعود في الشدة والتعب على السهل.

  ثم قال: {إنه فكر وقدر ١٨}، يريد بـ {فكر} أي: تفكر، {وقدر} فهو: لما كان من فكرته فيما يجعل على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله من الكذب، {وقدر} فهو: ما كان يقدر عليه ويهيئ، له ويحتال به عليه ويسوي، حتى جعل عليه ما جعل من الأمر، ولطخه بما لطخه به من ذكر السحر، الذي قد برأه الله وطهره، ورفعه عنه سبحانه وكبره.

  ثم قال: {فقتل كيف قدر ١٩}، ومعنى {قتل} فهو لعن، ثم قال: {كيف قدر}، يريد: على ما قدر، و {قدر} فهو: ما ذكرنا من تفكيره وتقديره.

  ثم كرر اللعن، فقال: {ثم قتل كيف قدر ٢٠}، يريد: لعن على ما كان قدر.

  ثم قال سبحانه، مخبرا بما كان من فعله في دار الندوة، وعبوسه في وجوه من كان يقول: مجنون وشاعر وكاهن، وبسوره لهم، فقال: {ثم عبس وبسر ٢٢}، يريد بـ {عبس} أي: قطب بين عينيه، وأنكر قول من قال بالجنون عليه، {وبسر} فمعناه: دفعه وأقصاه، عن القول بما قال به عليه ورماه، من قوله: «ليس هو بشاعر ولا مجنون؛ ولكنه ساحر»، وحاشى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله من ذلك، وقد نزهه الله أن يكون كذلك.

  ثم قال: {ثم أدبر واستكبر ٢٣ فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ٢٤ إن هذا