قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}
  إلا قول البشر ٢٥}، معنى {أدبر} أي: تولى عن الحق، وتعلق بالكذب والفسق، ومعنى {استكبر} أي: تجبر وتكبر، ثم قال لعنه الله: {إن هذا إلا سحر يؤثر (٢٤} أي: يتلى ويذكر، يقول: ما يأتي به محمد صلى الله عليه وعلى آله ويذكره، إلا سحر رواه وتعلمه. {إن هذا إلا قول البشر ٢٥}: ما هذا الذي مع محمد من قول الله، وما هو إلا قول البشر، والبشر فهم: الناس.
  ثم قال سبحانه: {سأصليه سقر ٢٦}، فمعنى قوله: {سأصليه} يريد: سأدنيه منها، وأولجه فيها؛ حتى يصلى بدنه حرها، ويقع به حريقها وأكلها، ويباشره بحمومها وحرها، فلا يكون له فيها ستر يستره، ولا حجاب يحجزه؛ و {سقر} فهي: بعيدة القعر، العظيمة الأمر، البعيدة المهوى، الكثيرة الأذى والبلاء، وهو: اسم من أسماء جهنم؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {وما أدراك ما سقر ٢٧}، يقول سبحانه: وما أعلمك ما سقر، وكيف هي؟ وما أمرها؟ وما هي على حقيقة العلم؟
  ثم بين سبحانه بعض صفاتها، وما هي عليه من حالاتها، فقال: {لا تبقي ولا تذر ٢٨}، معنى {لا تبقي} أي: لا تبقي في عذاب من صار إليها، ولا تنكيل من ولج فيها، {ولا تذر} معناه: لا تذر أحدا من أهل الوعيد إلا ضمته وصيرته فيها، وأحرقته وحققت وعيد الله له فأهلكته.
  {لواحة للبشر ٢٩}، واللواحة فهي: المحرقة المغيرة، التي قد غيرت أبدانهم ببلائها، وغيرت خلقهم بإحراقها، ولوحتهم بعذابها، وقوله: {للبشر} فهم: من كان فيها من الفاسقين، وصار إليها من الفاجرين.
  ثم ذكر سبحانه خزنتها وعددهم، ووصف بعض حالهم وأمرهم، فقال سبحانه: {عليها تسعة عشر ٣٠}، فقد يمكن - والله أعلم - من أن يكون هؤلاء التسعة العشر هم: الخزنة المأمورون بحفظها، وحفظ من فيها، الآمرون