قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}
  والناهون في أمرها؛ ويمكن أن يكون تسعة عشر ألفا، أو تسعة عشر صنفا، من الملائكة المقربين، المؤتمرين بأمر الله المكرمين؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة}، فأخبر سبحانه: أن هذه التسعة عشر ملائكة، وأن خزنتها من الملائكة المؤتمنين، البررة المكرمين. ثم قال سبحانه: {وما جعلنا عدتهم}، يعني: عددهم {إلا فتنة للذين كفروا}، والفتنة هاهنا فهي: الاختبار والبلوى، بما يكون منهم من الجحدان في ذلك والافتراء؛ لأنهم كانوا بما آتاهم به رسول الله صلى الله عليه وآله من خبر النار وأهلها وخزنتها - مكذبين، وبه صلى الله عليه وعلى آله في ذلك كله غير مصدقين، وكانوا يجحدون أمرها، ويكذبون خبرها، فلما جحدوا أمرها - كانوا أشد جحدا لخزانها وعددهم، وأشد ملادة فيما ذكر الله ø من أمرهم. ثم قال سبحانه: {ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا}، والذين أوتوا الكتاب هاهنا فهم: الذين أسلموا من أهل الكتاب، والكتاب فهو: التوراة؛ فأخبر: أن من آمن بالله من أهل الكتاب، وصدق برسول الله صلى الله عليه وعلى آله، وآمن بآياته - فهو مستيقن بذلك، والاستيقان منهم فهو: تحقيق العلم، والإقرار بما جاء من ذكر الخزنة وعددهم، ومعنى «يستيقنوا» فهو: يؤمنوا ويوقنوا. {ويزداد الذين آمنوا إيمانا}، معنى {يزداد} فهو: ازديادهم في الإيمان، بتصديقهم لما ذكر الله من عدد خزان النار لهم، فلما أن كانوا بكل ما ذكر الله وأخبر مصدقين، وبما قال غير مكذبين، كانوا في كل ما صدقوا به من أمر حادث من الله في الإيمان مزدادين، بتصديقهم بخبر الله وإقرارهم، ومعرفتهم بصدقه وإيقانهم؛ فهذا معنى {ويزداد الذين آمنوا إيمانا}. ثم رجع في ذكر مؤمني أهل الكتاب، ومؤمني العرب، فقال: {ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون}، يقول سبحانه: إنا إنما ذكرنا من عدة أهل النار التي شرحنا لكم - ليستيقن مؤمنوا أهل الكتاب من الإسرائيليين، ومؤمنوا العرب - أنه الحق،