قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}
  فيكون ذلك فضيلة لهم من ربهم، وجزاء على ما كان من إيقانهم، مما ذكر الله في الكتاب المبين، من عدة خزان النار من الملائكة المقربين. {ولا يرتاب}، يقول: لا يشك أهل الكتاب والمؤمنون في صدق قولنا، وكينونة وعدنا ووعيدنا. ثم ذكر قول المنافقين في ذلك، الذين في قلوبهم مرض من دينهم، والمرض فهو: الشك والارتياب، وقلة الإخلاص لرب الأرباب، وكذلك حكى ø في القول عن الكافرين، فقال سبحانه: {وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا}، ومعنى قولهم «ما» أي فهو: الذي؛ لأن «الذي» يقوم مقام «ما»، و «ما» يقوم مقام «الذي»، فأرادوا - عليهم لعنة الله - بقولهم هذا: أن الذي أراد الله بذكر ما ذكر من عدة هذه الخزنة، وما شرع من أمرهم - مثل مضروب، وأنه ليس بحق كائن، ولا أمر مجعول باين، يقول: إن الله تبارك وتعالى إن كان حقا ما يقول محمد من أنه أوحى إليه بذلك وحيا، ونزله عليك من عنده تنزيلا فهو مثل، وليس بحق واقع. ثم قال سبحانه: {كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء}، يريد بقوله: {كذلك} أي: بذلك، ومعنى «بذلك» أي: بذلك القول منهم الذي قالوا - استوجبوا من الله الإضلال، والإضلال فهو: الخذلان؛ فلما أن قالوا ما قالوا من الباطل والمحال، والكذب في كل قول أو فعال، على ذي الجلال والطول - استوجبوا منه الخذلان فخذلهم. وقوله تبارك وتعالى: {يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء}، فمعنى {يشاء} هو: يريد، والذي شاء الله أن يضله فهو: من عند عن دينه، وطعن على رسوله، والذي شاء أن يهديه فهو: من آمن به وصدق رسله، بما جاؤوا به عنه، ومن عنده سبحانه وبحمده. ثم رجع سبحانه إلى ذكر خزنة النار À، فقال: {وما يعلم جنود ربك إلا هو}، يريد: ما يفهم عددهم - وهم الملائكة، وهم جند الله - إلا ربهم الذي خلقهم، من خزنة النار، ومن غيرهم، من الملائكة المقربين، À أجمعين. ثم قال سبحانه: {وما هي إلا