قوله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}
  كأس كان مزاجها كافورا ٥}، والأبرار فهم: الذين برأوا أنفسهم بالصيانة لها عن النار، أو إخراجها من العقاب، وإدخالها في النعيم والثواب، فصاروا بذلك من فعلهم أتقياء، وسموا به بررة أولياء؛ والكأس التي يشربون منها فهي: المشارب والآنية التي يشربون بها ما يشرب من أنواع الأشربة والماء.
  ومعنى {كان مزاجها كافورا} فهو: إخبار من الله أن طعم ما يشرب من تلك المياه يوجد كالمخلوط بالكافور، وهو أطيب ما يكون طعما ورائحة.
  ثم قال: {عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ٦}، والعين من الماء: السائح على وجه الأرض، الكثير الجاري، ومعنى {يشرب بها} أي: يشرب منها، {يفجرونها تفجيرا} أي: يصرفونها حيث ما شاءوا، ويسيلونها أين ما أحبوا تسييلا.
  {يوفون بالنذر}، فمعنى {يوفون}: يتمون، ويوفون ويؤدون ما عليهم من ذلك، والنذر فمعناه: الواجب من كل شيء، وكل ما وجب على الإنسان من شيء فهو: نذر عليه، من ذلك: أن يوجب على نفسه لله شيئا وينذره. ومعنى «ينذره» أي: يوجبه على نفسه، من صيام أو صلاة، أو عتق أو صدقة، أو في شيء من أفعال البر. ومن النذر: أداء واجب الزكاة، ومن النذر: الصيام والصلاة، وغيرهما من الفرائض الواجبات؛ وكل ما أوجب الله على العباد من فرائضه، أو أوجبوه على أنفسهم له - فهو نذر عليهم؛ لأن العرب تسمي كل واجب نذرا، وتدعوه بذلك؛ من ذلك ما تقول العرب لمن تثق به وتعدله في تقدير جراحها: «نذر جراح فلان»، تريد: أوجب فيه من الدية والغرم والواجب ما يجب في مثلها، وتقول: «نذر هذا الجرح كذا وكذا»، تريد: الواجب فيه. فمدح الله سبحانه كل موف بنذره، ومؤديا للواجب عليه في كل أمره. و {يخافون} فهو: يتقون ويحاذرون. {يوما كان شره} فهو: يوم القيامة، وشره فهو: بلاؤه، وعذابه وحسراته وشقاؤه. {مستطيرا ٧}، أي: ظاهرا عاليا، مكشوفا مبينا.