قوله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}
  {ويطعمون الطعام} فإطعامهم: إعطاؤه والجود به والبذل، والطعام فهو: المعيشة من كل ما جعله الله غذاء للبشر، وعيشا وقواما. {على حبه} يقول: على الحاجة إليه، والرغبة فيه، في ساعة العسرة، والضيق والشدة. {مسكينا} فهو: الفقير المحتاج إلى الطعام. {ويتيما} فهو: الطفل الذي لا والد له، الذي قد ثكل والديه أو أحدهما، وعدم حسن نظرهما وقيامهما، وعنايتهما وكفايتهما. {وأسيرا}، والأسير: كل مأسور قد أوثق أسره، واشتد بالأسر عليه حاله وأمره، ممن لا يقدر على ماله وأهله، من الأسارى الذي أسرهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، من الكفرة الفاجرين، وكذلك من أسرته الأئمة الهادون، من متأول فاجر، أو جاحد كافر. فواجب على من أسر أسيرا من الفاسقين والكافرين، إن لم يكن له مال، ولا سبيل إلى سعة حال، بوجه من الوجوه - أن ينفق عليه من بيت مال المسلمين بالمعروف، وإن كان له مال، أو كان في قرب أهله ومن يبلغه منافعه - وجب عليه أن يأمره بالاستنفاق من ماله، ولم ينبغي لنا: أن ننفق عليه أموال المسلمين إذا كان بالإنفاق على نفسه من الواجدين، وفقراء المسلمين أولى بتلك الفضلة، وبتلك التوسعة؛ فهذا يجب النظر فيه وتمييزه على الإمام؛ ومن أطعم غير هؤلاء الثلاثة من سائر أهل الإسلام - فهو مأجور أيضا على ذلك محمود.
  وقد ذكر أن هؤلاء الذين فعلوا هذا الفعال، فأثنى الله سبحانه عليهم - هم: الخمسة، محمد صلى الله عليه وآله، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين رحمة الله عليهم؛ فعلوا ذلك في وقت عسرة وضيق شديد، وحاجة إلى المعاش، فأثنى الله سبحانه كذلك عليهم، وذكر ما سيأتي ذكره، مما أعد الله لهم من الثواب، وكان في قولهم في ذلك لمن أطعموه فشكرهم الله - ما ذكر الله من قولهم: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ٩}، معنى {نطعمكم لوجه الله} هو: نطعمكم لله، تقربا إليه. {لا نريد منكم جزاء} أي: لا نريد