تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}

صفحة 319 - الجزء 3

  قطوفها تذليلا ١٤}، والقطوف فهي: الثمار التي تقطف، ومعنى تقطف أي: تقطع للأكل وتجذ؛ والتذليل فهو: الإرخاء والإدناء، حتى تدنو وتدلى، وتقرب من آخذها، وتمكن لآكلها؛ فذلك معنى تذللها، ومعنى {تذليلا} أي: أدنيت إدناء، وقربت تقريبا.

  {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب}، والطوفان بها هو: الدوران بها عليهم، والعرض لها، والآنية فهي: آنية المشارب والمطاعم، يطاف عليهم بما فيها من الأطعمة والأشربة، يعرض عليهم أكلها وشربها في كل ساعة وأوان؛ كرامة لهم من الله الواحد المنان، وهي: الصحاف والأخونة والجفان، وغير ذلك مما يكون فيه الطعام؛ والأكواب فهي: الكيزان والأقداح ذوات الحسن والهيئة والأرجل. {من فضة}، والفضة فهي: هذه الفضة المعروفة، البيضاء المخلصة.

  {كانت قواريرا ١٥ قواريرا}، يريد - والله أعلم -: التمثيل لها في ذكره القوارير - بصفاء القوارير التي يرى جميع ما فيها. فذكر: أن هذه الآنية {من فضة} صافية منيرة، رقيقة ومضيئة، يرى ما فيها كما يرى ما في القوارير من ورائها. {قدروها تقديرا ١٦}، يريد سبحانه: أنهم يقدرون أوقات الطوفان بها على الآكلين والشاربين تقديرا حسنا، فيأتونهم بها على أوقات حاجتهم إليها، ويكون ذلك من هؤلاء المقدرين، من الخدم والطوافين بها عليهم تقديرا حسنا، ومعرفة بقدر الأوقات التي يحتاج أهل الجنة إلى تقريب هذه الآنية التي فيها المأكل والمشارب؛ فهذا أحسن ما علمناه من التأويل في {قدروها تقديرا ١٦}.

  {ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ١٧}، والكأس التي يسقونها هي: الشراب الذي في الكأس، غير أن العرب تدعو ما كان في الكأس كأسا، تقول: «اسقني كأسا وقدحا واحدا»، تريد: اسقني ملأه ماء؛ فأراد الله ø: أنهم يسقون في الكأس ما يكون مزاجه زنجبيلا، ومعنى ذلك: أن توجد فيه رائحة الزنجبيل وطعمه؛ فهذا معنى {مزاجها}.