تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون 26}

صفحة 385 - الجزء 3

  ثم أخبر أن كتاب الأبرار الذي هو في عليين - كتاب يشهده المقربون، والمقربون - والله أعلم - فهم: الملائكة الأطيبون، الذين هم على كرامة للأبرار شاهدون، عليهم في دار الثواب من أبواب الجنة داخلون.

  ثم أخبر سبحانه ببعض ما فيه الأبرار من النعيم، فقال: {وما أدراك ما عليون ١٩ كتاب مرقوم ٢٠ يشهده المقربون ٢١ إن الأبرار لفي نعيم ٢٢ على الأرائك ينظرون ٢٣ تعرف في وجوههم نضرة النعيم ٢٤ يسقون من رحيق مختوم ٢٥ ختامه مسك}، والنضرة في الوجوه فهو: الإشراق والنضارة من ألوانها، بالسرور والبهجة والازدهار؛ بما هي فيه من نعيم الجنة.

  ثم ذكر تبارك وتعالى: الرحيق الذي منه يسقون، والرحيق: فاسم من أسماء الخمر الجيد، كانت تسميها به العرب، فسمى الله بها الخمر التي في الجنة؛ فأخبر عن: طيب ريح الرحيق، وأن ختام ما بريحها يجدون، وختام ريحها عند آخر شربها كريح المسك؛ إذ هو أفضل الطيب الذي يعرفون.

  ثم قال في نعيم الجنة مرغبا، وعليه محرضا، وإليه داعيا: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ٢٦ ومزاجه من تسنيم ٢٧ عينا يشرب بها المقربون ٢٨}، والتنافس: التحاسد، ولم يحسن الله في شيء من أمور الدنيا كلها التحاسد، وإنما حسن سبحانه التحاسد الذي هو التنافس في نعيم الجنة؛ لعظم قدرها، وجلالة فضلها، فهنالك ما يحسن التحاسد لا في هذه الدنيا الفانية، والتنافس عليها، والتسابق في الأعمال الصالحة الموصلة إليها.

  ثم ذكر سبحانه: مزاج خمر الجنة من الماء، فذكر: أنه من عين يشرب بها المقربون، سماها: تسنيما، وهذا اسم عال من الأسماء، جعله الله مشرفا مكرما.

  ثم رجع القصص في الخبر إلى ما كان عليه أهل الكفر في الدنيا، من