تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون 26}

صفحة 386 - الجزء 3

  الاستهزاء والتغامز بالمؤمنين: {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ٢٩ وإذا مروا بهم يتغامزون ٣٠ وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين ٣١ وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ٣٢} والفاكهون: الضاحكون، المعجبون المستهزئون. ثم ذكر: أنهم كانوا يقولون في أقوالهم، التي هم بها أهل الإيمان مؤذون: {إن هؤلاء لضالون}.

  يقول الله سبحانه: {وما أرسلوا عليهم حافظين ٣٣ فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون ٣٤ على الأرائك ينظرون ٣٥}، يعني - والله أعلم -: أن الكفار لم يرسلوا حفظة على المؤمنين الأبرار.

  ثم أخبر سبحانه عن اشتفاء نفوس المؤمنين؛ إذ هم على الأرائك ينظرون، إلى عقوبة الله لأعدائهم من الكافرين، فقال تبارك وتعالى لأهل الإيمان، والطاعة له والإيقان: {هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ٣٦}؛ تعريفا للمؤمنين عند سرورهم ضاحكين: بما أخبر الله به من المعاقبة لأعدائهم من الكافرين، فقال لهم معرفا بنعمته عليهم في شفاء غيظهم ونفوسهم، بمعاقبة من كان في الدنيا يغمزهم ويستخف بهم: {هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ٣٦}، مسألة تعريف من الله للمؤمنين وبشرى، لا مسألة شك ولا امتراء، أي: قد ثوب الكفار إذ عذبوا بعذاب النار ثواب نقمة فيما كانوا يلقون الأبرار.

  والحمد لله رب العالمين، الذي لا يرضى بتطفيف المطففين، ولا إخسار المخسرين، الحكم العدل على المؤمنين والكافرين؛ ونعوذ بالله من غضبه، ونستجيره من أليم عذابه، ونستعينه على الائتمار بأمره، ونسأله السلامة من عصيانه وكفره، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، عليه توكلنا وهو رب العرش الكريم.