قوله تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا 22}
  سخط عليه وأهانه، ويغفل؛ غير أن أفعال الله التي تأتي من الله في الأحوال كلها على ما لا يشك من يعقل - أنها عليه من صواب عدله.
  ثم قال تبارك وتعالى: {كلا بل لا تكرمون اليتيم ١٧ ولا تحاضون على طعام المسكين ١٨}، يرشد ويدل على ما يحب ويرضى، من إطعام المسكين وإكرام اليتامى؛ لرأفته سبحانه باليتيم والمسكين، وما أراد من عباده في إطعام المسكين، وإكرام اليتيم، من الحق المحمود الكريم، الذي يعطي عليه من ائتمر فيه بأمره الثواب العظيم. وفي قول أرحم الراحمين: {كلا بل لا تكرمون اليتيم ١٧ ولا تحاضون على طعام المسكين ١٨} - دليل والله أعلم على: أن ما يرى العباد من التقدير، على من قدر عليه الرزق من المرزوقين - إنما كان لما عليه أكثر الناس من الغفلة عن إكرام اليتيم، والحض على طعام المسكين؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {كلا بل لا}. تفسير - والله أعلم -: {كلا بل لا} يدل على: أنهم لو أكرموا اليتيم، وأطعموا المسكين، وفعلوا في ذلك ما أمرهم به الرحمن الرحيم - لما قدر رزقه، ولوسع رزقه بينهم.
  ثم قال تبارك وتعالى: {وتأكلون التراث أكلا لما ١٩}، والأكل اللم فهو: الأكل السريع والجم، الذي يشبه في سرعته وضمه ما يرى من الفم: وعيدا منه سبحانه لمن أكل تراث اليتامى، ونهيا عن ذلك وتحذيرا لمن فعله، بأن أنذره عذابا أليما.
  ثم قال: {وتحبون المال حبا جما ٢٠}، والجم: الكثير المتصل الأوفر الذي لا ينقطع ولا يفتر: نهيا عن فرط الحب للدنيا والمال؛ لما يصير إليه من أفرط في حب ذلك من الركوب للظلم في كثير من الأمور والأحوال.
  ثم أخبر سبحانه بيوم انتقامه وعقوبته، لمن خالف ما أمره به من تقواه وطاعته، فصار إلى الجرأة على معصيته، وعما يكون في يوم القيامة من عظيم