تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة البلد

صفحة 425 - الجزء 3

  الله إذا أقسم إلا بما أقسم به من أسمائه، أو بعجيب ما خلق من آياته، في أرضه وسمائه؛ فكلما أقسم به في أقسامه، من التين والزيتون، والفجر، والسماء والطارق، والشمس والقمر، والليل إذا أدبر، والصبح إذا أسفر، وغير ذلك مما أقسم به في كتابه، من جميع أقسامه التي أقسم بها؛ لما أحاط علمه من عجيب أمرها باطن علمه - فحكمة من حكم الله، يدل إقسام الله بها على أنها من عجيب آياته، وما جعله الله دليلا لأولي الألباب على حكمته وقدرته.

  ثم قال سبحانه: {لقد خلقنا الإنسان في كبد ٤}، يريد - والله أعلم -: في تقويم واعتدال، وانتصاب وصعد؛ لأن الله ø لم يخلق في الاعتدال والإصعاد، والتقويم والكبد والانتصاب - شيئا من الأبدان غير بدن الإنسان؛ وفي ذلك عجب عجيب من التدبير والحكمة والبيان؛ ولذلك ما يقول الله سبحانه العليم الحكيم: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ٤}⁣[التين]؛ تذكيرا من الله تبارك وتعالى لهذا الإنسان بنعمته، فيما خلقه فيه من الكبد الذي هو: التقويم والتصعيد، وتفضيله لخلق الإنسان على خلق جميع الأبدان؛ ليشكر ما أنعم الله به عليه في ذلك من نعمته، وليعرف ما عرفه فيه من عجيب حكمته.

  وقد ظن غيرنا: أن ما ذكر الله من خلق الإنسان في كبد - هو: ما الإنسان فيه، مما يلاقي في معايش دنياه، من التعب والكد.

  والذي ذكرنا من تفسيره أولى وأشبه وأشرح، وأنور وأفهم وأوضح.

  ثم قال سبحانه: {أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ٥}، كأن معنى ذلك - والله أعلم -: فكيف يغفل عن قدرة من أنشأه فيما أنشأه فيه من الكبد؟! تذكيرا من الله تعالى للإنسان، بما هو عليه من الاغترار به، والنسيان لنعمته، وإحسانه إليه وغفلته عن قدرته عليه.

  ثم قال: {يقول أهلكت مالا لبدا ٦ أيحسب أن لم يره أحد ٧}، واللبد: