تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما}

صفحة 182 - الجزء 1

  آخرين، وما يحدث في الأيام من الأرزاق للعباد، وإحياء ما شاء من البلاد؛ ومن المداولة بالأيام بين الأنام: ما ينزل بهم من المصائب الهائلات، وما يمن به عليهم من الآلاء والنعم السابغات؛ من ذلك: ما يأخذ من الأقارب والآباء، والأخوة والأبناء، وجماعة القربى، وما يهب ø لمن يشاء من الأولاد الذكور، وما يصرف ويدفع من الشرور؛ فهذه الأشياء كلها التي تكون في لياليه سبحانه وأيامه - مداولة منه - لا شك - بين عباده.

  فأما ما يظن الجهال، وأهل التكمه في الضلال، من أن معنى هذه الآية هو: إدالة الفاسقين، على الحق والمحقين، وأنه يمكن في الأرض للفاجرين، ويمهد للفسقة العاصين، بما قد حرم عليهم، ولم يجعله بحمد الله لهم؛ بل شدده عليهم غاية التشديد، في ترك مشاقة أهل الحق والتسديد، وأمر في ذلك بالاتباع لهم، وترك الخلاف في جميع الأسباب عليهم - فهذا كذب منهم على رب العالمين، وكيف يجوز أن يديل ويمهد للعاصين؛ بل كيف يتوهم على الرحمن الكريم، الواحد ذي الجلال العظيم: أن يكون أدالهم، وأعطاهم ما عنه زجرهم ونهاهم؟! فتبارك ذو السلطان المبين، عن مقالة أهل الضلال الجاهلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

  قال في كتاب مجموع تفسير بعض الأئمة، من الآيات التي سئل عنها الإمام الهادي #:

  وسألت: عن قول الله سبحانه: {وتلك الأيام نداولها بين الناس

  فصدق الله سبحانه، هو المكون لها، والمحدث لما كان من خلقها، وإنما أراد سبحانه بذلك: ما يداول منهم فيه، من: الغموم والهموم والأحزان، والفرح والسرور الذي تمر به على الإنسان، مما ينزل به السرور، بما يرزقون ويوهبون من الذكور، ويبسط لهم من الأرزاق، ويوسع عليهم من الإرفاق، ويبتلون من الثكل للأحياء، وما ينالهم من زوال السرور والرخاء؛ فمرة يستغني الفقير