تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين 178}

صفحة 194 - الجزء 1

  · قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ١٧٨}⁣[آل عمران: ١٧٨]

  قال في مجموع الإمام القاسم بن إبراهيم #:

  وسألت: عن قول الله سبحانه: {لا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين

  وقد نهاهم عنه، فالإملاء منه: الإبقاء منه، وتأخير العذاب والنقم، فيما ارتكبوا من الجرم، وبهذا كله وعنه، وبما تولى الله منه - أتوا من الإثم والإساءة ما أتوا، وعصوا الله بما عصوا؛ فاعلم أن الإملاء: نعمة من الله وإحسان، وازدياد الإثم منهم: فإساءة وعصيان، فمن الله سبحانه: الإملاء، ومنهم: الاعتداء، وتأخيره سبحانه لإنزال العذاب بهم إنما هو: ليزدادوا إثما بكسبهم، ليس لما يحبون من سرورهم، ولا لما يريدون من أمورهم؛ ولكن ليزدادوا بالبقاء والإملاء إثما، ولأنفسهم بما تركوا من البر ظلما، وإن كان ما تركوا من الهدى - وإن لم يفعلوه - ممكنا - كان ما تركوا من الهدى في نفسه حسنا، ولهم لو صاروا إليه - ولن يصيروا - منجيا، وكان كلهم لو أتاه بإتيانه له مهتديا؛ فالإملاء والإبقاء هو: من فعل الله بهم، وازدياد الإثم فهو: من كسبهم هم وفعلهم، وما يمكن من الإملاء من الأمور، فسواء في المكنة من البر والفجور، فلما آثروا هواهم، على ما يمكنهم من هداهم، جاز أن يقال: أملوا ليزدادوا برا وهدى.

  ومثل {ليزدادوا إثما} هو: قول الله تبارك وتعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}⁣[الذريات: ٥٦]، وهم - وإن خلقهم الله ليعبدوه - فيحملون لغير العبادة إن أرادوه، والعبادة لله وخلافها إنما هو فعل منهم، إذا فعلوه [نسب] إليهم، ولم يزل عنهم، وكل ذلك ففعل لهم وصنع، والله هو