قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب 2}
  الحرام} عن ذكر الأشهر، وعلم السامع أنه قد أجاز الانتصار في كلها - لأن هذا من لغة العرب فصحيح معروف في إيجاز الكلام. والآمون البيت الحرام فهو: من أمه وقصده من المؤمنين الطالبين لرضى الله؛ فحرم سبحانه صدهم عنه، ومنعهم منه، والاعتراض لهم دونه؛ تأديبا منه ø لخلقه، ودلالة على أرشد طرقهم، وإن كانوا لم يفعلوا ذلك، كما قال ø: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن}[الأنعام: ١٥٢]، فكان ذلك عظة منه وتعليما وتفهيما لما لهم فيه الصلاح، ونهيا عن أفعال الجاهلية الأولين، من إفسادهم لأموال اليتامى، وصدهم عن البيت الحرام، وإن كان المؤمنون لم يفعلوا ذلك في إيمانهم؛ ولكن كان ذلك من الله تعليما لهم، ودلالة على أرشد أمورهم، ثم قد أصبح أهل الظلم اليوم، وهم صادون عنه، مانعون لأهل الإسلام منه، مخيفون للمؤمنين دونه؛ فالله ø على ذلك المستعان، وإليه المشتكى.
  وقد قيل في الآمين البيت الحرام: إنه شريح بن ضبيعة، في مسيره من اليمامة إلى مكة؛ فأراد المؤمنون أن يعارضوه ويكافوه على ما كان من أخذه لسرح أهل المدينة، وذلك أنه وصل برسول الله صلى الله عليه وآله، ثم خرج من عنده ولم يسلم، فأجاز بسرح أهل المدينة، فأخذه ومضى به.
  وليس تفسير الآية بهذا المعنى، والقول الأول أصوب إن شاء الله؛ لأن شريحا كان كافرا معاندا؛ والله سبحانه فأخبر أنهم يبتغون فضلا منه ورضوانا، والكافر فليس الله عنه براض، ولا له بمقرب.
  وسألت: عن قول الله سبحانه: {ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا}؟
  قال محمد بن يحيى #: هذا أمر من الله ø للمؤمنين، وتأديب لهم، ودلالة على ما فيه نجاتهم، والسلامة في آخرتهم، فقال: {ولا يجرمنكم شنآن قوم}، والشنآن فهو: البغض والقلاء، يريد: لا يحملنكم بغض قوم على أن