تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين 11}

صفحة 438 - الجزء 1

  قلت: فقوله: {ينزع عنهما لباسهما}⁣[الأعراف: ٢٧]؟!

  فقال: قد اختلف في ذلك، ورويت فيه روايات، وأصح ما في ذلك عندنا، والذي بلغنا عن نبينا ÷: أن لباسهما هو: لباس التقوى والإيمان؛ لا ما يقول به الجاهلون، من أنه لباس ثياب، أو ورق من ورق الشجر؛ فهذا معنى قول الله: {ينزع عنهما لباسهما}، وإنما أراد بذلك من قوله: {لباسهما} أي: لباس التقوى، بما سول ووسوس لهما، من الكذب والمقاسمة التي سمعها منه.

  قلت: فقوله: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة}⁣[الأعراف: ٢٢]؟!

  قال: إنما كانا في الجنة، في ظلها، وتحت أشجارها، فلما أخرجا منها، وأصابتهما الشمس بحرها، ورمضاء الأرض، فأرادا أن يجعلا لهما موضعا يكون لهما فيه ظلال، كما يفعله من خرج من منزله في سفر، ونيته إلى غيره من البوادي وغيرها، فلا يجد ظلالا ولا مسكنا، فلا يجد بدا من أن يعرش عريشا يكنه، ويستره من الحر، ويقيه من شدة البرد؛ فهذا معنى قوله: {يخصفان عليهما}.

  قلت: فالجنة التي كانا فيها: أفي السماء كانت، أم في الأرض؟

  قال: هي جنة من جنان الدنيا، والعرب تسمي ما كان ذا أثمار وأنهار: جنة.

  قلت: فقوله: {اهبطوا منها جميعا}؟!

  قال: ذلك جائز في لغة العرب؛ ألا ترى أنك تقول: «هبطنا نجران»، «وهبطنا اليمن»، «ونريد أن نهبط الحجاز»؛ فلما كان ذلك معروفا في اللغة، جاز أن يقول: {اهبطوا منها}.

  وسألته: عن قول الله تبارك وتعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه}⁣[البقرة: ٣٧]، ما الكلمات التي تلقاها آدم من ربه؟

  قال: قد اختلف فيها، والصحيح عندنا أن الكلمات هو: ما كان الله تبارك وتعالى قد أعلمه، بخلق من سيخلقه من ذرية آدم ونسله، وأنه سيكون منهم