تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير 41}

صفحة 488 - الجزء 1

  صلى الله عليه وعلى آله وسلم من قوم - رد في قوم سواهم، ممن هو أقرب إلى الرسول، فإذا استغنى أبناء المهاجرين من الأقرب فالأقرب من رسول رب العالمين - رد ذلك في الأنصار على قدر ما كان من منازل أوليهم واجتهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ يبدأ منهم بأكثرهم اجتهادا في الجهاد والنصيحة لله وللإسلام، فإذا استغنى من ذلك الأنصار - رجع في سائر المسلمين من العرب وغيرهم، فكان ليتاماهم ومساكينهم وابن سبيلهم. ومن عند من أبناء المهاجرين والأنصار وسائر المسلمين، عن الحق والمحقين، فناصب أو خالف أو خذل إمام المؤمنين - لم يكن له في شيء من ذلك حق، كما لم يكن لمخالفي آل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ذلك حق، ولا في غيره حق.

  قال يحيى بن الحسين ~: وإنما قلنا إن يتامى آل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومساكينهم، وأبناء سبيلهم - أولى بما جعل الله لليتامي والمساكين وابن السبيل في الخمس من غيرهم؛ لأن يتامى غيرهم ومساكينهم وابن سبيلهم يأخذون ما يجبى من الأعشار والصدقات، وهم لا يأخذون، وينالون من ذلك مالا ينالون؛ فلذلك جعلناهم بسهام الخمس أولى من غيرهم، ما كانوا إليه محتاجين، وكان فيهم من ذكر الله من اليتامى والمساكين وابن السبيل؛ وفي ذلك ما بلغنا عن علي بن الحسين بن علي $: أنه كان يقول في قول الله تبارك وتعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}: «هم يتامانا، ومساكيننا، وابن سبيلنا». وقلنا: إنهم إذا استغنوا عن ذلك - رجع إلى الأقرب فالأقرب من أبناء المهاجرين؛ تفضيلا لمن فضل الله من قربى رسوله المجاهدين، وكذلك جعلنا ذلك من بعد أولئك للأنصار؛ لقدر اجتهادهم وصبرهم، وكذلك يجب على إمام المسلمين: أن يعرف لذوي العناء في الاسلام موضع عنائهم؛ فإن ذلك أنفع للدين، وأرجع على المسلمين.