تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون 102}

صفحة 57 - الجزء 1

  ولو كان من يعلم السحر - لكان من الملائكة إذا من قد كفر، ولما صح قوله سبحانه فيهم: {بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون}⁣[الأنبياء: ٢٦ - ٢٨]، وقوله سبحانه: {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون}⁣[النساء: ١٧٢]، وقربتهم هي: منزلتهم عند الله في الزلفى والمكان، وبراءتهم كلهم عند الله من العصيان، ولو كان منهم صلى الله عليهم من عصى بكفر أو غيره - لذكره الله بعصيانه، كما ذكر إبليس في تنزيله؛ أما تراه كيف نحاه لمعصيته عنهم، ولم يجعله - إذ عصى - منهم، فقال فيهم: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر به أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني}⁣[الكهف: ٥٠]، وذريته فإنما هم: أمثاله وقبيله، وفي إبليس وقبيله ما يقول الله سبحانه في تنزيله: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}⁣[الأعراف: ٢٧].

  وفي كتاب مجموع رسائل الإمام عبد الله بن حمزة #، القسم الثاني، قال:

  مسألة: في قوله تعالى: {وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ...}، إلى آخر القصة، ما الصحيح عند أهل البيت $ في ذلك؟

  الكلام في ذلك: أن الصحيح عندنا إنما جرت نفي لما حكى الناس في قصة الملكين ببابل، وكذلك ما بعده إلى نهاية الآيتين، وكذلك ما حكى من تعلمهم منهما إنما حكاية عنهم ما رووه عن العوام؛ ليقبلوا منهم إفكهم الذي أفكوه، وكذلك أرباب الضلالة يسندون ضلالتهم إلى الأنبياء $ وإلى الصالحين، ولولا ذلك لما قبلها الأغمار والجهال؛ لأن الله تعالى قد أخبرنا بعصمة الملائكة عموما، ولم يستثن أحدا، وقوله الحق، وخبره الصدق.

  ومن ضلالتهم: أنهم حكوا أن الفرق لا يكون بين الزوجين إلا بإذن الله،