قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا 15}
  فقال الإمام زيد بن علي عليهما الصلاة والسلام: ليس المعنى ما ذهبت إليه، أنت تريد مثل قولك: «أمرته فضرب زيدا»، «وأمرته فقام»؛ لأنك تأمر بضرب زيد والقيام، وليس هذا من ذلك؛ ولكنه يكون على معنيين:
  أحدها: أمرنا مترفيهم بالطاعة، ففسقوا فيها، كقولك: «أمرتك فعصيتني»، أي: بالخير، وهي قراءة أبي عمرو على: الأمر.
  وفيها معنى آخر، وهي قراءة أهلنا: {أمرنا}: كثرنا، وقد قرأ بعض أهلنا: {آمرنا} ممدودا، وقرأ بعضهم: {أمرنا} - مثقلة -، أي: سلطنا، وقد قال في معنى الكثرة: «أمر القوم يأمرون أمرا»: كثروا، وفي مثل لهم: «ليس أمر أتى بأمر زائد(١)» وأنشد لبيد:
  إن يغبطوا يهلكوا وإن أمروا ... يوما يصيروا للهاتك والنكر(٢).
  وقال زهير:
  والإثم من شر ما تطال به ... والبر كالغيث نبته أمر
(١) هكذا في النسخة المطبوعة، وقال في كتاب تاج العروس شرح القاموس للزبيدي: «وأَمِرَ الشيْءُ كفَرِحَ أمَراً وأمَرَةً بالتَّحْرِيك فيهما: كَثُرَ وتَمَّ. وحَكَى ابنُ القَطَّاع فيه الضّمَّ أيضاً قال المصنِّفُ في البَصائر: وأمِرَ القَوْمُ كسَمِعَ: كَثُرُوا وذلك لأنّهم إذا كَثُرَوا صارُوا ذا أمْرٍ مِن حيثُ إنّه لا بُدَّ لهم مِن سائِسٍ يَسُوسُهم فهو أمِرٌ كفَرِح قال: «أُمُّ عِيَالٍ ضَنْؤُهَا غيرُ أمِرْ». والاسمُ الإمْرُ. وزَرْعٌ أمِرٌ: كَثِيرٌ: عن اللِّحيانيّ. وقَرَأَ الحَسَنُ: «أمِرْنَا مُتْرَفِيها» على مِثَالِ عَلِمْنَا قال ابنُ سِيدَه: وعَسى أن تكونَ هذه لغةً ثالثةً وقال الأعْشَى:
طَرِفُونَ ولادُون كلَّ مُبَارَكٍ ... أمِرُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ.
ويقال: أمَرَهم اللهُ فأمِرُوا أي كَثُرُوا يقال: أمِرَ الأمْرُ يَأْمَرُ أمْراً إذا اشتدَّ. والاسْمُ الإمْرُ بالكسر. وتقولُ: العرب: الشَّرُّ أمِرٌ
ومنه حديثُ أبي سُفْيَانَ: لقد أمِرَ أمْرُ ابنِ أبي كَبْشَةَ وارتَفَعَ شَأْنُه يعني النبيَّ ﷺ. منه حديثُ ابنِ مسعود: «كُنّا نقولُ في الجاهِلِيَّةِ: قد أمِرَ بنو فلانٍ أي كَثُرُوا»
(٢) في ديوان لبيد بن ربيعة العامري، وكذا في لسان العرب:
إنْ يُغبطُوا يُهبطُوا وإنْ أَمِرُوا ... يَوْماً يَصِيرُوا للهُلْكِ والنَّكَد.