تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}

صفحة 115 - الجزء 2

  {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}: يوصيه بلين الجانب لهما، والتذلل لعظيم قدرهما، والرأفة بهما، والرقة عليهما.

  {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}: فالله ø المطلع على ضمائر النفوس، وسرائر الصدور، فمن كان صالحا أثيب، ومن كان عاصيا عوقب. والأوابون فهم: التائبون المفلحون الذين يستوجبون من الله ø ثناؤه الغفران، وينجون من النيران. تقول العرب: «قد آب فلان إلى ربه»، أي: قد تاب عن ذنبه، ورجع عنه، كما تقول: «قد آب فلان من سفره»، أي: رجع من سفره؛ قال الشاعر:

  وآب إلينا مالك بعد ما غدا ... على حد صرم لا يريد رجوعا

  {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا}: فأمره بصلة القرابة؛ لما عظم من فرض ذوي الأرحام، وهذا الذي ذكر الله ø في قوله: {وآت ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل}، فهذه للناس كلهم عامة، وعليهم واجبة: أن يؤتوا القريب والمسكين وابن السبيل، وأن يأتوا فيهم ما فسرناه وبيناه؛ لأن الله ø فرض على الناس فروضا، وجعل الدني والشريف فيهما سواء، وأما ابن السبيل فهو: مار الطريق المنقطع، والمسكين فهو: الذي لا مال له، وهما اللذان تجب مواساتهما، والإحسان إليهما؛ والتبذير فهو: ضرب من الفساد، وكثرة الإنفاق، فأمره # بالاقتصاد؛ لأن من أنفق في غير طاعة الله ø صار مواليا للشيطان. {وكان الشيطان لربه كفورا}، أي: عاصيا، وقد قال غيرنا: إنه عنى بكفور، أي: جاحد، وليس عندنا كذلك؛ بل كفر إبليس اللعين، وهو يعلم أن الله ø ربه وخالقه؛ الدليل على ذلك قوله ø يخبر عنه: {خلقتني من نار وخلقته من طين}؛ فأقر أن الله جل ثناؤه خالقه، ولم يجحد ذلك.

  {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا