قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}
  والآل هو الذي يرفع القف، والآل: ما رفع الأشياء في البرية وبينها، حتى يراها الناظر من الأمد البعيد، وليس للآل شيء يرفعه غيره.
  وقوله ø يعني النبي ÷: {جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا}، يريد بذلك: الذين لا يصدقونك بما تذكر من البعث والحساب، والجنة والنار، يقول: لا يصلون إليك بسوء، ولا بمكيدة ولا مكروه، مع حجابنا المحصن من الأسواء، والحافظ من الأعداء.
  {وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا}: واعلم - أرشدك الله -: أن الجعل في كتاب الله ø يخرج على وجهين، ليس لهما ثالث؛ فأحدهما: جعل حتم، فهو الخلق؛ وذلك قوله ø: {وجعلنا السماء سقفا محفوظا}، {وجعلنا الليل والنهار آيتين}، {وجعل القمر فيهن نورا}، وما أشبه ذلك في القرآن فهو: جعل خلق وحتم، وأما الجعل الآخر فهو: جعل حكم وتسمية، مثل قوله: {وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه}، ومثل قوله: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا}، وجعلنا منهم أئمة يهدون إلى النار، فهذا وما كان مثله في القرآن: جعل حكم وتسمية، لا جعل خلق؛ والوقر فهو: الصمم، معروف ذلك في لغة العرب غير منكر، وقال في موضع آخر: {كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم}، يعني بذلك: كأن في أذنيه صمما؛ قال الشاعر:
  وقفنا بدار الحي نسأل عنهم ... فردت علينا أن في سمعها وقرا
  والأكنة: ما يستر الشيء، وحال دونه، وهو مثل قوله: {وعلى أبصارهم غشاوة}، وذلك كله: حكم وتسمية، لا أن الله غطى على قلب أحد، ولا غشى
= في (القاموس)، أراد: أنها تنزوا في السير كما ينزوا الرعن في الآل؛ قلب المعنى، فأسند الرفع للرعن، وجعل المرفوع هو الآل، والأمر بالعكس.