قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}
  إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا}، يعني: أن الشيطان يوسوس بينهم، ويغري بعضهم ببعض، في تكذيب الرسل $، والجحود لله جل ثناؤه، وجميع المعاصي التي كرهها الله ø.
  {ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا}: فالله ø هو العالم كما قال بكل شيء، لا تخفى عليه خافية، ولا ظاهرة ولا باطنة، ولا سرا ولا علانية، ولا في ضمير ولا في فكره، ولا في همامة ولا في روية؛ ومعنى قوله: {إن يشأ يرحمكم} فهو: إن يرد أن يرحمكم ويتفضل عليكم - فهو الولي لذلك، والقادر عليه، لا مانع لذلك ولا حائل دونه، ولا صاد له عنه؛ لأنه رب الأرباب، وسيد العباد، والمنفذ لما يشاء في جميع الأسباب. ومعنى: {وما أرسلناك عليهم وكيلا}، والوكيل في لغة العرب فهو: الذي يوكل لأخذ الشيء وقبضه، وتوكله العرب أيضا على حقوقها وأموالها في الحق يقبضه؛ فأعلمه الله ø: أنه لم يجعل محمدا # وكيلا في عقوبة عباده التي جعلها في الآخرة، وأن ذلك شيء هو إلى الله سبحانه، من رحمته في آخرته وعذابه، وأنه إنما أرسل محمدا # بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، ومعذرا ومنذرا، وقائما بأحكام الدنيا بالحق فيما بين العباد، لا غير ذلك؛ فبين الله لنا سبحانه: أنه لم يجعل محمدا ولا أحدا من الأنبياء $ في عفوه ولا عقابه، وأنه المتولي لما أراد من أمره سبحانه، لا إله إلا هو، {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}؛ وذلك قوله سبحانه: {فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب}.
  وقال ø لنبيه # {وربك أعلم بمن في السموات والأرض}، يريد: أنه خلقهم، وأنه لا يخفى عليه شيء من أمورهم.
  {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض}: فالله ø قد فضل بعض رسله على بعض، منهم من جعله من أصحاب الشرائع، ومنهم من كلمه،