تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}

صفحة 128 - الجزء 2

  {فيرسل عليكم قاصفا من الريح}، يعني به: الريح الشديدة، والتي تقصف الشجر وما أشبهه، وقوله: {ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا}، يقول: نصيرا، والعرب تسمي طالب الثأر: تبيعا؛ لأنه يتبع بطلب الدم، وينصر من ظلم من قومه، ويتبع بثأره؛ قال الشاعر:

  ونحن المدركون لكل وتر ... إذا طل⁣(⁣١) القتيل عن التبيع

  يقول: نحن ندرك بدمائنا إذا لم يدرك التبيع بثأره، وطل دمه.

  {ولقد كرمنا بني آدم وحملناها في البر والبحر}، يعني: في البحر: على ما لطف لهم به من الفلك الجاري بقدرته في الأمواج، التي كأنها الجبال، وفي البر: على ما سخر لهم من أنعامه المطيعة لهم بقدرته، من الإبل والخيل، والبغال والحمير. {ورزقناهم من الطيبات}، يعني: ما تفضل به ø من نفس الثمار، وجميع الحبوب، ولحوم الأنعام، وصيد البر والبحر، والعسل واللبن والماء، والنعم التي لا تحصى؛ وذلك قوله ø: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}.

  {وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}: صدق الله جل ثناؤه، لقد فضل بني آدم على سائر الحيوان، وأعظم عليهم المنة، وأجزل لهم العطية؛ فله الحمد على نعمه كثيرا، كما هو أهله ومستحقه.

  {يوم ندعوا كل أناس بإمامهم}، يريد بهذا: جميع الخلق، فليس من أحد إلا وله إمام: إما إمام هدى، وإما إمام ضلالة. {فمن أوتي كتابه بيمينه} فقد نجا وأفلح، و {من أوتي كتابه بشماله} فقد هوى، وصار في سجن لظى، حيث لا راحة ترجى، ولا أسير يفدى. {فأولئك يقرأون كتابهم ولا يظلمون فتيلا}، والفتيل في لغة العرب، والمعروف عندها في كلامها وخطابها، والنقير والقطمير


(١) الطَّلُّ: هَدَرُ الدَّمِ أو أن لا يُثْأرَ به، وطُلَّ: أُهْدِرَ القتيل عن التبيع، فلا يطلب ثأره أو بثأره. كما في القاموس وشرحه.