قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}
  - فكل ذلك في النواة موجود؛ والنواة فهي: العجمة التي تكون في جوف التمر، فالشق الطويل الذي يكون في بطن النواة اسمه عند العرب: الفتيل، والنقير فهو: ذلك النقير الذي يكون في وسط ظهر النواة، مثل الخردلة، ومنه: انتشار نباتها إذا نبتت، وأما القطمير فهو: الذي يكون على النواة غلافا لها، وهو: قشرة بيضاء، رقيقة شديدة الرقة؛ فذلك القطمير، وكل ذلك تعرفه العرب، وتخاطب به وتذكره في لغاتها وأشعارها؛ قال الشاعر يذكر الفتيل:
  لسنا نسيغكم فتيلا بعدما ... جرت الحكومة بيننا في المقسم
  وقال آخر يذكر النقير:
  ما تركنا على الكلاب لقيس ... يوم رمنا القضاء حقا نقيرا
  وقال آخر يذكر القطمير:
  لسنا نخلف قطميرا لظالمنا ... ولا تطل(١) دمانا عند أعدانا
  فذكر الله ø ذلك كله، فقال: {ولا تظلمون فتيلا}، وقال تعالى: {وإذا لا يؤتون الناس نقيرا}، وقال: {ما يملكون من قطمير}، أي: أنه لا يضيع عنده شيء، وإن صغر ذلك الشيء، فكان قياس الفتيل والنقير والقطمير.
  {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا}، يعني: أنه من كان أعمى عن الحق في الدنيا فهو في الآخرة أعمى، أي: حاله في النار حابط بائر السعي.
  وقوله لنبيه #: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا}: فقد قالوا: إنهم وفد ثقيف، وقالوا: إن رسول الله ÷ كان حاصر ثقيفا بعد فتح مكة، وهو ذا فر في ذي القعدة بضعا وعشرين
(١) أي: لا تهدر.