قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}
  وقد علمت هند بأني ماجد ... وإن حل أضيافي فلست بمقتر
  {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات}، يريد بذلك: المعجزات التي جاء بها موسى #، مما قد قدمناه في أول كتابنا هذا، مثل: العصا، والبحر، والحجر، واليد، والضفادع، والجراد، والقمل، والدم، ونتق الجبل الذي نتقه على بني إسرائيل.
  {فسئل} يا محمد {بني إسرائيل}، يعني: بني قريظة والنظير؛ وبنو قريظة والنظير كانوا قريبا منه، مثل: عبد الله بن سلام، ومن كان معه من قومه. {إذ جاءهم} موسى {فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا}، مثل ما قالوا لمحمد #: إنه مسحور، وساحر، وقد مضى تفسيرها.
  {قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا}، يعني بالبصائر: الآيات التي ذكرها الله ø في قصة موسى #، من التوراة والأحكام، والبصائر الواضحة. وقوله: {مثبورا}، عنى بالثبور: أنه ملعون مخذول. وقال غيرنا: غير ذلك، من الكلام الذي لا يحسن ذكره ولا إعادته؛ لنزاهة موسى # عن مثل ذلك القول الذي قاله من لا فهم له ولا معرفة؛ والمثبور في بعض اللغة: المشكور أيضا.
  {فأراد أن يستفزهم}، يعني: فرعون، أراد أن يخرجهم من أرض مصر، أو يقتلهم. {فأغرقناه ومن معه جميعا ١٠٣ وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض}، يعني: بيت المقدس وما حوله. {فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا}، يقول: من كل موضع.
  {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل}، يقول: أنزلناه حقا من عندنا، وبالصدق والحق الذي أراده الله من خلقه من طاعته، يقول: {بالحق أنزلناه}، أي: بحق أنزلناه من عندنا، {وبالحق}: الذي أردناه {نزل}، من: الفرائض والأحكام التي جاء بها محمد #، كما قال: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من