قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}
  خلفه تنزيل من حكيم حميد}.
  {وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا}، يعني: مبشرا لأوليائي وأهل طاعتي، ونذيرا لأعدائي وأهل معصيتي.
  {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث}، يقول: قرأناه شيئا بعد شيء، يريد بالناس: أي جميع الخلق كلهم. وقوله: {على مكث} يعني به: مدة تكون من بعد لأمتك، يتعاطفون به، ويتواصفون لحكمه وشرفه، ويحلون حلاله، ويحرمون حرامه، ويتدبرون عجائبه المحكمة، ودلائله المتقنة، ويقفون عند متشابهه إذا لم يعلمه منهم من يعلمه، ويؤمنون بكله، وينتهون عما نهاهم عنه، ويقولون: «كله من حكمة ربنا وتنزيله».
  {ونزلناه تنزيلا}، يقول: شيئا بعد شيء، يقول: نجوما بعد نجوم، مثل قوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، يقول: بنزول القرآن، مثل قول جبريل #: {وما نتنزل إلا بأمر ربك}.
  {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ١٠٧ ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ١٠٨ ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ١٠٩}، يعني بذلك: قول محمد النبي ÷: إنهم إن لم يؤمنوا به وجهلوا فقد عرفه وآمن به من أهل الكتاب من قد سمى، ممن آمن بمحمد ÷، وصدق بما نزل من عند الله جل ثناؤه، ممن عنده علم الكتاب؛ لما رأوا من الحق. {ويخرون للأذقان يبكون}، حتى تقع جباههم وأذقانهم على الأرض، خشعا لله، خائفين باكين من عذابه، راجين رحمته، متذللين له سبحانه، خاضعين له.
  {قل ادعوا الله} يا معشر المؤمنين، {أو ادعوا الرحمن}، فقد ذكر في بعض الروايات: أن رسول الله ÷ قال وهو ساجد: «يا الله، يا رحمن»، فسمعه أبو جهل اللعين، وكان لا يعرف الرحمن، فقال: محمد ينهانا أن لا نعبد إلهين،