تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}

صفحة 155 - الجزء 2

  فساد، تنزيل من ذي العزة والأياد، حكمة بالغة، ودلالة قاهرة.

  ثم قال سبحانه: {لينذر بأسا شديدا من لدنه}، ولدنه فهو: من عنده، والبأس فهو: العقوبة والتنكيل، والجزاء الدايم الطويل؛ فجعل كتابه حجة على خلقه، ومبينا لجميع ما افترض على عباده، وقص عليهم فيه حلاله وحرامه، وحذرهم بما جعل من أليم عقابه لمن عصاه، وخالف أمره سبحانه وهداه؛ فهو توجيهه الرسول # بالكتاب المبين: حجة بالغة، وإعذارا إلى جميع المخلوقين.

  ثم قال: {وبشر المؤمنين}، فأمر سبحانه نبيه أن يبشر المؤمنين: {الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا}؛ فهو: عطاء، وهبة وجزاء، وهو مكافأة على طاعتهم، وإكرام في الله بذلك لهم. والحسن فهو: الكامل من العطاء، المبهج لمن صار إليه من أهل الجزاء.

  ثم قال سبحانه: {ماكثين فيها أبدا}، فكانت هذه زيادة في البشارة، من بعد ما ضمن لهم في الأجر الحسن، والعطية الكاملة؛ فأخبرهم بأنهم ماكثون فيه، غير زائلين عنه، ولا مستقلين منه؛ إذ كل نعمة زال عنها صاحبها، وزالت عنه - فليست بغبطة ولا سرور، وإنما هي بلغة إلى حادث في الأمور، فكانت هذه الغبطة في الآخرة لهم من الله سبحانه دائمة من الله سبحانه، وعنهم غير منقطعة، ولا يفجعون فيها أبدا بنازلة.

  ثم قال ø: {وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا}، فأخبر سبحانه: بإنذاره في كتابه على لسان نبيه - الذين قالوا: اتخذ الله ولدا؛ لئلا يكون على الله حجة بعد الإعذار والإنذار، والتوقيف لهم على جهلهم، وعظيم ما أخرجوه من كفرهم، ونطقوا به من قبيح كلامهم.

  ثم قال سبحانه: {مالهم به من علم ولا لآبائهم}، فأخبر سبحانه: بجهلهم في ذلك، وتقحمهم في الزور، وقبيح ما نسبوه إليه سبحانه من الأمور: هم وآباؤهم.