قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}
  أظلم ممن افترى على الله كذبا}، والافتراء فهو: الكذب، وقول ما لم يكن؛ وذلك: أنهم كانوا يزعمون أنهم يعبدون الأصنام؛ لتقربهم إلى الله سبحانه، ويقولون: إن ذلك له رضى سبحانه. وكان ذلك منهم افتراء على الله وكذبا، ولذلك سأل الفتية البرهان، إذ نسبوا ذلك إلى الله سبحانه، فسألوهم تصديق قولهم؛ لأن الله ø إذا أمر بأمر أو تعبد به كانت معه شواهد تصدقه، وعلامات تؤكده، وحجج تبهر عقول الخلق وتبينه.
  ثم ذكر ø أمر الفتية، وما كان من قولهم، إذ يقول: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف}، ومعنى: {اعتزلتموهم} أي: تركتموهم وباينتموهم، {وما يعبدون إلا الله فأووا}، أي: صيروا إلى الكهف، والكهف فهو: ما ذكرنا وفسرنا.
  ومعنى: {ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا} فهو: ييسر لكم الخير، ويهديكم، ويثبتكم ويتولى أمركم. ومعنى: {يهيئ لكم من أمركم مرفقا} فهو: يوفق لكم من أمركم مرفقا؛ والمرفق فهو: الكفاية في جميع الحالات؛ لأن العرب تقول: «ارفق علي بسبب»، تريد: اعطني؛ فكان المرفق من الله سبحانه: العطية لهم، وكفاية المهم، مع الهدى والتسديد، والعون والتوفيق.
  ثم رجع القصص إلى ما تفضل الله به على أهل الكهف، فقال: {وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين}، ومعنى: {تزاور} فهو: تنحرف، {وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال}، فأخبر بلطفه لهم في الشمس، في طلوعها وغروبها؛ لأنها لو دخلت عليهم لأحرقت أجسادهم، وغيرت ألوانهم؛ فكانت إذا طلعت تزاورت عن كهفهم - كما قال سبحانه - {ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال}، أي: تنكسر عنهم، ومعنى القرض فهو: تزول عنهم، وتدخل في طرف يسير منه، لا تصل بهم، وكذلك تقول العرب: «قرضت أرض بني فلان»، أي: أخذت في شقها، ويقال: «في الثوب قرض»، إذا كان في