تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}

صفحة 161 - الجزء 2

  بعضه. وإنما سمي: القرض؛ لذهاب الشيء اليسير في الكثير؛ فلما قرض بعضه، وسلم أكثره - قيل: قرض؛ كذلك الكهف لما أن لم تنتشر الشمس في كله، وإنما كان دخولها في طرف منه - قيل: {تقرضهم}، فكان الكهف - والله اعلم - كان وجهه مقابلا لمغيب بنات نعش وللجدي.

  {وهم في فجوة منه}، ومعنى: {منه} فهو: الكهف، والفجوة فهو: الموضع السالم من الشمس وغيرها، مما يضر بهم في موضع سلامة وعافية. {ذلك من آيات الله}، ومعنى: {من آيات الله} فهو: الدلائل على الله سبحانه.

  ثم قال ø: {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا}، كذلك الله سبحانه: من اتبع هداه، وآمن به واتقاه - فقد سلم واهتدى، ونجا بعون الله من المهالك والردى، ونال بفضل الله سبحانه الفضل عليه، وإحسانه إليه - أفضل الهدى، وكان كما قال الله سبحانه: {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا}، ومعنى: {يضلل} فهو: خذلان الله له، وتركه إياه، من التوفيق والتسديد؛ والله ø فلا يفعل ذلك إلا بعبد قد عصاه، وخالف أمره وهداه؛ فإذا كان من العبد - استوجب من الله الخذلان. ومعنى: {فلن تجد له وليا مرشدا} فهو: من بعد ترك العبد لطاعة الله سبحانه، ووقوع اسم الضلال عليه، والخذلان من الله - لا تجد له وليا مرشدا، ولا إلى خير داعيا.

  ثم رجع القصص إلى أهل الكهف، فقال سبحانه: {وتحسبهم أيقاضا وهم رقود}، يخبر ø: أنه لو نظر إليهم ناظر ظنهم أيقاضا. وقد يقال: إن أعينهم كانت مفتحة؛ وذلك لما أراد الله سبحانه في سلامتها؛ لأن الهوى والريح من منافع العين، ولو كانت مغمضة في طول هذه المدة لأحدث فيها طول الإغماض حدثا؛ فكانت أعينهم مفتحة وهم رقود، لا يبصرون شيئا ولا يفهمون. ثم قال سبحانه: {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال}، معنى: {نقلبهم} فهو: تحويله سبحانه من شق إلى شق؛ لطفا من الله سبحانه لهم