تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}

صفحة 163 - الجزء 2

  قال: {ولا يشعرن بكم أحدا}.

  ثم قال سبحانه: {إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا}: فخافوا - إن يظهروا عليهم، من بعد أن خرجوا من عندهم مغاضبين، ولهم مكفرين -: أن يرجموهم، ومعنى الرجم فهو: الرجم بالحجارة. ثم قال: {أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا}، فأخبر: أنهم لو دخلوا في ملتهم لم يكونوا بمفلحين، ولا عند الله سبحانه بناجين.

  ثم قال ø: {وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها}، ومعنى: {أعثرنا عليهم} أي: دللنا عليهم، وأوقعنا على موضعهم؛ لما أراد الله سبحانه من الحجة على أهل دهرهم، من إبقائهم في الكهف بلا طعام ولا شراب؛ فكان هذا دليلا على الله سبحانه، وحجة باهرة، وكان للفتية هداية، وزيادة في النية والبصيرة. ومعنى: {حق} فهو: الصدق الذي لا خلف فيه، {وأن الساعة لا ريب فيها}؛ فكان بعث الله سبحانه لهم من بعد طول هذه المدة - تصديقا للساعة التي وعد بها، فلما خرج الفتية من كهفهم، وهم يظنون عند أنفسهم: أنهم أقاموا يوما أو بعض يوم، فلما دخل المشتري لهم ببضاعتهم - دخل خائفا وجلا، فلم يعرف في القرية أحدا، وأنكر أهلها جميعا، وأقبل يسألهم عن قوم كانوا بها، وعن ملكهم دقيانوس الذي كان سببا لتكفيرهم، فيقولون: فنوا أولئك وذهبوا، وقرن بعدهم؛ فلما أنكروا أمره، وكان خبر اعتزال هؤلاء الفتية شائعا عند القرن الذين خرجوا فيهم، وفيمن بعدهم من خبر من كان قبلهم، ممن انتهى إليه خبرهم، مع إخبار عيسى صلى الله عليه بهم، وذكره لقصتهم، وما يكون من خروجهم؛ وذلك أن عيسى صلى الله عليه بعث من بعد اعتزال الفتية لقومهم، فأخبر بأهل الكهف وبقائهم، ولم يكن يعلم لهم ببقاء، من بعد ما كان من اعتزالهم لقومهم، حتى أخبر بذلك عيسى صلى الله عليه؛ باطلاع الله له على أمرهم، فلم يسألوه حتى فطنوا له، وأيقنوا أنه من أهل الكهف.