تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}

صفحة 176 - الجزء 2

  نسيانه لمعاصيه، وما اجترحه من الذنوب المهلكة، وارتكبه من الخطايا الموبقة؛ فنسي تلك الذنوب التي قدم، ولم ينتفع بما ذكر؛ ولو رجع وتاب، وأقلع مما هو عليه من قبيح الأسباب - لغفر ذلك له.

  ثم قال سبحانه: {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا}، وإنما معنى: {جعلنا على قلوبهم أكنة}: تبكيت لهم وتقريع؛ لأنهم كانوا يزعمون، ويكذبون على الله ويفترون، ويقولون: إن الله قد جعل قلوبهم في أكنة، ومنعهم في اتباع نبيه، والدخول في طاعته. {وفي آذانهم وقرا}، والوقر فهو: الصمم؛ ألا تسمع كيف يخبر الله ø في غير هذا الموضع، حين يقول: {قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون ٥}⁣[فصلت]؛ فأراد الله ø التقريع لهم بقولهم: {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة}، وتبكيتا على قولهم الذي نسبوه إليه أولا؛ والدليل على ذلك: قوله سبحانه في هذه الآية: {وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا}، يقول: إن كان الأمر كما قالوا: {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا} - فلن يهتدوا إذا أبدا؛ فأكذبهم الله ø في قولهم، ووقفهم على قبيح كلامهم.

  ثم قال: {وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب}، وكذلك الله ø: غفور رحيم، لو يؤاخذهم على ذنوبهم، وما يكسبونه من قبيح أفعالهم - لأهلكهم؛ ولكن أملى لهم، كما قال في غير هذه السورة: {إنما نملي لهم ليزدادوا إثما}⁣[آل عمران: ١٧٨].

  ثم قال سبحانه: {بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا}؛ فأخبر ø: أنه قد أخر عقوبتهم إلى يوم بعثهم. ومعنى: {موئلا} فهو: مذهب ومعدل ومكان يؤلون إليه.

  ثم قال سبحانه: {وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم