تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}

صفحة 177 - الجزء 2

  موعدا}، فكذلك كان فعل الله ø، فيمن سلف من أهل الظلم والعدوان: أهلكهم بما كان منهم من الفسق والعصيان.

  ثم قال سبحانه: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا}، أي: يمضي في طلب ذلك دهرا طويلا، وسنين كثيرة. وقد قيل: إن مجمعهما بناحية البصرة، حيث اجتمع المالح والعذب معا بقدرة الله سبحانه. والقول الأول: أشبه عندنا بالحق، وأقرب - بعون الله - إلى الصدق.

  {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا}، والحوت فهو: حوت كان مع رسول الله ~ يأكل منه هو وفتاه، فلما نهضا للرحيل نسيا الحوت، فرجع فتى موسى، فوجده قد ذهب في البحر حيا سويا.

  {فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}، ومعنى: {جاوزا} أي: خلفا الموضع الذي كانا فيه. ومعنى قوله: {لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} يعني: شدة وتعبا.

  {قال أرءيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيلة في البحر عجبا}، ومعنى {أوينا إلى الصخرة} فهو: نزلا عندها، وحطا تحتها. ومعنى: {واتخذ سبيله في البحر عجبا}: فإن في حياة الحوت ودخوله البحر عجبا، وأيما عجب.

  {قال ذلك ما كنا نبغ}، والذي قال ذلك فهو موسى صلى الله عليه، أي: ذلك ما كنا نريد من آيات الله أن نراها ومثلها. {فارتدا على آثارهما قصصا} يقول: رجعا إلى الموضع؛ والقصص يعني: الأثر⁣(⁣١)، والأثر فهو: أثرهما وطريقهما.


(١) في القاموس المحيط في «قصًّ»: «قصَّ الشيء: تتبعه». وقال أيضا في: «الأثر»: ائْتَثَرَه وتَأَثَّرَهُ: تَبعَ أثَرَهُ.