تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}

صفحة 183 - الجزء 2

  للبعث. ومعنى: {فجمعناهم جمعا} فهو: جمعهم للحساب جمعا، مستحصى متى لا يغادر سبحانه منهم أحدا.

  ثم قال ø: {وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا ١٠٠ الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري}، وعرضها لهم فهو: معاينتهم لها، ومحاضرتهم إياها، وإيقانهم بها. ثم قال: {الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري}، يعني بذلك: الكافرين؛ أن أعينهم في غطاء؛ والغطاء فهو: الغفلة التي كانوا عليها؛ فلم يكونوا ينتفعوا بما يرون من الآيات، ويعاينون من الأمور الباهرات، وقد شغلهم الهوى، والميل إلى الدنيا، حتى كانوا عن مشهد يوم القيامة في غطاء؛ والغطاء فهو: ما كانوا عليه من الغفلة والونى⁣(⁣١).

  ثم قال: {وكانوا لا يستطيعون سمعا}، ومعنى: {كانوا لا يستطيعون سمعا} يعني: أنهم كانوا لا يقدرون من البغض للحق والتكذيب له استماعا، وكانوا يبغضون استماعه؛ للذي كانوا عليه من الصدود عن الحق، وقلة استماعهم له، وكانوا يفعلون من ذلك فعل من لا يستطيع أن يسمع؛ والسمع هاهنا فهو: الطاعة لله ولرسوله، وهذا في لغة العرب موجود، يقول الرجل للرجل: «اذهب معي إلى فلان»، فيقول: «لست أستطيع أنظر إليه»، يقول من بغضه، وهو يستطيع أن ينظر إليه، فلما أن كان مبغضا شانئا لأمره - جاز أن يقول: «لا أستطيع»، ويقول القائل: «لا أستطيع أن أدخل عليك من بغضك»، وهو يقدر أن يدخل عليه، فكان هذا من بغضهم للحق، جعلتهم أنفسهم من أتباع شيطان، حتى لا يقدروا أن يستمعوه، ولذلك ضرب الله لهم الأمثال في قلة الاستماع: قال الله سبحانه: {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا}، واتخاذهم عباده من دونه فهو: إيثارهم


(١) الونى هو: الضعف والفتور، والكلال والإعياء.