تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}

صفحة 184 - الجزء 2

  بالطاعة على الله سبحانه، حتى اتخذوهم من دونه أولياء، ومعنى: {أفحسب} فهو: وعيد وتقريع.

  ثم قال: {إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا}، والنزل فهو: العطاء والجزاء؛ لأن العرب تقول إذا نزل الإنسان على ما يكره: نزل نزلا قبيحا، فلما أن كان عطاؤه سبحانه في الآخرة، ونزله لهم جهنم - قال: {نزلا} أي: جزاءا من الله وتنكيلا، وعذابا شديدا؛ إذ كان خروجهم من أجداثهم، وحضورهم يوم القيامة إلى ربهم - طريقا إلى منزل البلاء، ومحل الشقاء.

  ثم قال سبحانه: {هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا ٤٣ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ٤٤}؛ فكذلك: كل من تعلق بالباطل وترك الحق، ومال بجهده عن القصد، وتوهم أنه على طريق رشده؛ فكانت الجاهلية تعمل أصناما، وتوقد نيرانا، تقول: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفا؛ فكانوا يتوهمون أن عبادة الأصنام تقربهم إلى الله سبحانه، فكان هذا من السعي الضال، الموجب للنيران، والخزي والهوان. ومثل ما ترى في الآن كثيرا من أهل دهرك، ممن هو كلف ببدعة، لهج بشبهة، يصف الغي رشدا، والجور قصدا، فهو ضال عن المحجة، مسترسل في الغفلة، غير راجع إلى الحق، ولا طالب للصدق - وذلك أيضا ممن قد ضل سعيه في الحيوة الدنيا، وهو يحسب أنه يحسن صنعا.

  ثم قال سبحانه: {أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه}، فسما هم: كافرين به، غير مصدقين بلقائه؛ واللقاء فهو: الآخرة والبعث والحشر. ثم قال سبحانه: {فحبطت أعمالهم}، وحبطت فهو: بطلت. ثم قال: {ولا نقيم لهم يوم القيامة وزنا}، يقول: فليس لهم يوم القيامة عمل يعطون عليه، ولا يثابون فيه، كما قال سبحانه: فـ {أما من خفت موازينه ٨ فأمه هاوية ٩}⁣[القارعة]، أراد بالموازين: العمل.