قوله تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}
  قال أحمد بن يحيى ª: {نبلوكم بالشر}: نهيا عنه، وبالخير: أمرا به؛ والبلوى: امتحان، والفتنة تخرج في كتاب الله جل ثناؤه على عشرة وجوه في القرآن:
  الوجه الأول من الفتنة: يعني به: الشرك، وذلك قوله: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله}[البقرة: ١٩٣]، نظيرها في الأنفال، حيث يقول: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}[الأنفال: ٣٩]، يقول: حتى لا يكون شرك، {ويكون الدين كله لله}[الأنفال: ٣٩]، وقال سبحانه في البقرة: {والفتنة أكبر من القتل}[البقرة: ٢١٧]، يعني: الشرك بالله أعظم جرما عند الله من القتل في الشهر الحرام، ونحوه كثير.
  والوجه الثاني: فتنة يعني بها: الكفر، وذلك قوله ø في آل عمران: {ابتغاء الفتنة}[آل عمران: ٧]، يعني: الكفر، وكقوله سبحانه: {ألا في الفتنة سقطوا}[التوبة: ٤٩]، يعني: الكفر، وكقوله تبارك اسمه في سورة النور: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة}[النور: ٦٣]، يعني: كفرا، وكقوله ø في سورة الحديد: {ولكنكم فتنتم أنفسكم}[الحديد: ١٤]، يقول: كفرتم وشبهتم على أنفسكم؛ وكذلك كل فتنة في المنافقين واليهود.
  الوجه الثالث: يعني به: بلاء، وهو المحنة، فذلك قوله تبارك وتعالى في العنكبوت: {ألم ١ أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ٢ ولقد فتنا الذين من قبلهم}[العنكبوت]، يعني: ولقد ابتلينا الذين من قبلهم، وقال لموسى صلى الله عليه: {وفتناك فتونا}[طه: ٤٠]، يعني: ابتليناك؛ لأن الله ø لا يفتن نبيه، وإنما يريد بالفتنة للنبي صلى الله عليه وآله المحنة. وفي حم الدخان: {ولقد فتنا قبلهم}[الدخان: ١٧]، يعني: ولقد امتحنا الذين من قبلهم، يعني: قوم فرعون.