تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير 78}

صفحة 256 - الجزء 2

  الواجب فيه - لا يكون إلا بما قدمنا ذكره، وبمثل ذلك تعرف الحقائق في كل أمر.

  وكما أن هذا يدل على ما ذكرنا - هو أيضا يدل على بطلان دعوى من يدعي الإمامة لمغلق الباب مرخي الستر؛ لأن أقل أحوال من يستحق الإمامة أن يشهر نفسه، ويظهر للخاص والعام أمره، حتى تسقط الحجة عنه، ويتعلق الفرض بغيره، فإذا كان ما ذكرنا، وكان سبحانه وتعالى قد أمر بذلك، والأمر يقتضي الوجوب؛ لأن ترك مقتضى الأمر معصية، ومعصية الحكيم تعالى لا تجوز؛ فلا يخلو: إما أن يريد سبحانه ذلك من كل ولد إبراهيم #، أو من بعضهم؛ وباطل أن يريد سبحانه ذلك من كلهم؛ لأن اليهود والنصارى والكفار والفساق منهم - يجب أن يجاهدوا؛ بدليل آيات الكتاب الكريم، وإجماع الأمة، والعترة $ على ذلك؛ فكيف يجاهد في الله من يجب جهاده لله؟! ولا يخفى هذا على عاقل؛ فبقي أن المراد بمقتضى الآية: بعضهم، دون كلهم، ولأن الآية مخصوصة.

  قلنا: «وباطل أن يراد بذلك سائر القبائل من مسلمي ولد إبراهيم #»؛ لأن جميع ما ذكرنا من الجهاد في الله سبحانه حق الجهاد - لا يكون إلا للأئمة؛ بالإجماع من العترة الطاهرة $ والأمة؛ لأن الأمة وإن خالف بعضها العترة الطاهرة في نصب الإمامة؛ فالكل مجمع على أن إقامة الحدود، وتجييش الجيوش، إلى سائر ما ذكرنا - لا يجوز إلا للأئمة دون غيرهم؛ فثبت أن مقتضى الآية يفيد معنى الإمامة.

  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد #:

  ومعنى قوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}: أنه تعالى لم يكلف الناس ما لا يطيقون؛ يدل على ذلك سياق الآية أيضا، حيث أمرهم سبحانه بالجهاد، فقال: {وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل