تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون 186}

صفحة 87 - الجزء 1

  عليهم، وأجزل العطايا لهم، ولو أن عبدا دعا الله سبحانه أن يرزقه واديا من تبر، فرزقه إياه، ثم ابتلاه بضربان عينه، أو عرق من عروقه - لسأل الله أن يعافيه من ذلك، ويفتدي الألم بذلك الوادي ومثله أضعافا لو كان له؛ فأي نعمة أو إجابة أعظم أمرا من العافية والصحة؟ وأي عطاء أجزل من عطاء لا يتمنى به غيره؟ فأما ما كان يطلب به غيره فهو سهل عند صاحبه، قريب عند مالكه، وكثير من الخلق يسأل الله السبب، ويستخيره فيه، فإذا دفعه عنه بخيرة له في دفعه - اغتم لذلك وغضب؛ لقلة معرفته، وقد ترون في بعض مسائل موسى # التي سأل ربه ø أنه قال: يا رب أي عبادك أشر عندك؟ قال: «يا موسى الذي يتهمني» قال: يا رب، ومن يتهمك؟ قال: «الذي يستخيرني، فإذا خرت له غضب».

  فكثير - رحمك الله - من رأيناه: يدعو إلى الله سبحانه بالسلامة في دنيه ودنياه، والخلق كلهم على ذلك يسألون الله السلامة والعافية، ثم يسألونه من بعد ذلك الحوائج، فتكون فيما يسألون مما لا يعرفون أشياء هي لهم عند نفوسهم موافقة، وقد علم الله ø فيها لهم البلاء والغم والأحزان لو وقعوا فيها، فيدفعها عنهم؛ لمسألتهم الأولى السلامة والعافية، ولإجابته إياهم في ذلك، فيعدون ذلك نقمة، وإنما هي نعمة وخيرة، ولو كشف لهم عن قبيح ما ينزل بهم فيما سألوا - لأكثروا الدعاء إلى الله سبحانه في الصرف عنهم. وليس ينبغي لأحد أن يتهم الله ø في الدعوة، وأن ينتظر عند دعائه ومسألته، إذ لم ير ما دعا فيه، فيرجع إلى نفسه، فإن كان لله مطيعا، فليوقن بأنها خيرة أو سلامة لدينه ودنياه، علم الله منها ما لم يعلم، فصرفها عنه؛ لضرها له، وإن كان عاصيا، فليعلم أنه ليس له عند الله منزلة، فيستجاب له دعوة؛ لأن قول الله سبحانه الحق، وما وعد فهو الصدق، عز وتعالى علوا كبيرا.