قوله تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير 32}
  وهم: علي والحسن والحسين وأولادهما. وقوله: {فمنهم ظالم لنفسه} فإنه أراد: أنه منهم في النسب، وقد ظلم نفسه، وأخرجها من الطاعة لربه؛ إذ لم يحل بينه وبين ما أراد الله منه إلا نفسه، وهو العاصي لربه، المضيع لحقه. وقوله: {ومنهم مقتصد} يريد: أن منهم من لم يبلغ درجة الإمامة، وهو: من حد العالم الذي لم يدع الإمامة، إلى حد المتعلم المطيع لربه، وكل هؤلاء مقتصد عن درجة السبق، وليس اقتصادهم بسواء، منهم من لم يمنعه من القيام إلا عدم الأنصار، ومنهم من هو دون ذلك. وقوله: {ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} يريد: الإمام الذي دعا الناس إلى طاعة ربه، وباين الظالمين، وعادى الفاسقين، فذلك هو السابق، ويبين ذلك ما يتلو هذه الآية، من قوله: {جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير}[فاطر: ٣٣]، فوعد المحسنين السابقين، والمقتصدين، وأوعد الظالمين، فقال: {والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ...}، إلى قوله: {فذوقوا فما للظالمين من نصير}[فاطر: ٣٦، ٣٧]، فبين أنهم الذين عنى بقوله: {فمنهم ظالم لنفسه}، وذكر الكفر هاهنا هو: يجمع كفر الجحدان، وكفر النعمة، ثم قال بعد ذلك: {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا}[فاطر: ٣٩]، فبين ما قلنا.
  وقال في شرح الرسالة الناصحة للإخوان للإمام عبد الله بن حمزة #، بعد ذكره للآية في بيان أنَّ فِسْقَ الفاسق لا يُسْقِطُ وجوبَ الرُّجُوعِ للمهتدي:
  فإن قيل: قد أكثرتم في أمرهم، ونحن نعاين من أكثرهم المعاصي، ومنهم عندكم من هو ضال في الدين، فكيف يسوغ لكم تضيفون إليه أسباب الهدى ووراثة الكتاب؟