قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82}
  علمه له خاصة، وهو عن غيره من المؤمنين خفي. وقد زعم بعض من زعم: أن {يس} هي: يا محمد. وهذا فما لا يفهمه من أهل اللسان العربي أحد.
  ثم قال سبحانه: {والقرآن الحكيم ٢ إنك لمن المرسلين ٣}، فأقسم الله تبارك وتعالى بالقرآن الحكيم صادقا لنبيه، وأنه من المرسلين(١)؛ وكذلك هو ÷ يقينا حقا. وذكر تعالى من حكمة القرآن: ما قد بان به من الكتاب أكثر البيان، فالقرآن في الحكمة غاية الغايات، قد جاز(٢) في حكمته وفضله جميع الصفات؛ فأخبر تعالى أن نبيه على المستقيم من الصراط، والصراط: الطريق والمنهاج، المعتدل في الدين ليس فيه ميل ولا اعوجاج.
  ثم أخبر سبحانه عن القرآن: بأنه {تنزيل العزيز الرحيم}، وكذلك الله فهو: الرحمن الرحيم، الذي جاز(٣) في العزة عز الأعزاء، وفي الرأفة والرحمة رأفة الرحماء؛ إذ لا يكون سواه عزيزا، ملكا عظيما، إلا [و] هو(٤) معرض عمن ملك، قاس عليهم غير رؤوف ولا رحيم، من كبريائه وملكه وعزته - الأعظم المحيط بملك جميع الملوك؛ إذ لا مثل له في ملكه وربوبيته، ولا ند ولا شريك، والله تعالى في جلاله وعظمته، وما هو عليه من كبريائه: أرأف من رؤوف، وأرحم من رحم، بلغ من رأفته بالإنسان ورحمته له ما لا يبلغه الأب والأم.
  ثم قال سبحانه مخبرا عن أنه بعث نبيه منذرا: {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون}، ففي قوله: {ما أنذر آباؤهم} تذكير لهم بالمنة التي من بها عليهم، من بعثة رسوله # بالنذارة إليهم، فبعث ÷ فيهم منذرا، وأتاهم وهم في غفلة ساهون عن الآخرة مخبرا، فخصهم في
(١) هكذا في النسخة المنقول منها، ولعله: فأقسم الله بالقرآن الحكيم، مصدِّقاً لنبيه أنه من المرسلين.
(٢) لعلها: حَازَ. ظناً.
(٣) لعلها: حَازَ. ظناً.
(٤) القياس إثبات الواو، ليستقيم الكلام.